بعضهم: إلاهتك أي عبادتك (روي ذلك عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما). قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ لِفِرْعَوْنَ إِلَهٌ يَعْبُدُهُ في السر، فَأَجَابَهُمْ فِرْعَوْنُ فِيمَا سَأَلُوهُ بِقَوْلِهِ: «سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَآءَهُمْ» وَهَذَا أَمْرٌ ثَانٍ بِهَذَا الصَّنِيعِ، وقد كان نكّل بهم قَبْلَ وِلَادَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَذَرًا مِنْ وُجُودِهِ، فَكَانَ خِلَافَ مَا رَامَهُ وَضِدَّ مَا قصده فرعون، وهكذا عومل في صنيعه أيضاً لما أراد إذلال بني إسرائيل وقهرهم، فجاء الأمر على خلاف ما أراد، أعزهم الله وَأَذَلَّهُ وَأَرْغَمَ أَنْفَهُ وَأَغْرَقَهُ وَجُنُودَهُ، وَلَمَّا صَمَّمَ فِرْعَوْنُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمُسَاءَةِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا}،

وَوَعْدَهُمْ بِالْعَاقِبَةِ وَأَنَّ الدَّارَ سَتَصِيرُ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ الْأَرْضَ للَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِن قبلأن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ ما جئتنا} أي فعلوا بنا مِثْلُ مَا رَأَيْتَ مِنَ الْهَوَانِ وَالْإِذْلَالِ مِّن قَبْلُ مَا جِئْتَ يَا مُوسَى وَمِنْ بَعْدِ ذلك، فقال منبهاً لهم على حالهم الحاضر وما يصيرون إليه: {عسى رَبُّكُمْ أَن يهلك عدوكم} الآية. وَهَذَا تَحْضِيضٌ لَهُمْ عَلَى الْعَزْمِ عَلَى الشُّكْرِ عِنْدَ حُلُولِ النِّعَمِ وَزَوَالِ النِّقَمِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015