(فَصْلٌ) وَالَّذِي يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قِيلَ: الْأَعْمَالُ وَإِنْ كَانَتْ أَعْرَاضًا، إِلَّا أَنَّ الله تعالى يقلبها يوم القيامة أجساماً، يُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كَمَا جَاءَ في الصحيح من أن البقرة وآل عِمْرَانَ يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فرقان من طير صواف، وَقِيلَ: يُوزَنُ كِتَابُ الْأَعْمَالِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْبِطَاقَةِ، فِي الرَّجُلِ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ وَيُوضَعُ لَهُ فِي كِفَّةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مَدُّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِتِلْكَ البطاقة فيها: لا إله إلا الله، الحديث (الحديث في سنن الترمذي وَصَحَّحَهُ)، وَقِيلَ: يُوزَنُ صَاحِبُ الْعَمَلِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالرَّجُلِ السَّمِينِ فَلَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ» ثُمَّ قَرَأَ: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وزناً}، وَفِي مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ دقة ساقية والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ»، وَقَدْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآثَارِ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ صَحِيحًا، فَتَارَةً تُوزَنُ الْأَعْمَالُ، وَتَارَةً تُوزَنُ مَحَالُّهَا، وَتَارَةً يُوزَنُ فَاعِلُهَا، والله أعلم.