- 143 - ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

- 144 - وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

هذا بَيَانٌ لِجَهْلِ الْعَرَبِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِيمَا كَانُوا حَرَّمُوا مِنَ الْأَنْعَامِ، وَجَعَلُوهَا أَجْزَاءً وَأَنْوَاعًا بَحِيرَةً وسائبة ووصيلة وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا فِي الأنعام والزروع والثمار، فبين تعالى أنه أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ، وَأَنَّهُ أَنْشَأَ مِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا، ثُمَّ بَيَّنَ أَصْنَافَ الأنعام، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ولا شيئاً من أولادها بَلْ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ لِبَنِي آدَمَ أَكْلًا وَرُكُوبًا وَحَمُولَةً وَحَلْبًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ، كما قال: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} الْآيَةَ، وقوله تعالى: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} رَدٌ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا} الآية، وقوله تعالى: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أَيْ أَخْبِرُونِي عَنْ يَقِينٍ كَيْفَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَا زَعَمْتُمْ تَحْرِيمَهُ مِنَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ ونحو ذلك، قال ابن عباس: يقول لم أحرم من ذلك شيئاً، {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} يَعْنِي هَلْ يشتمل الرَّحِمُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا؟ {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} يقول تعالى: كله حلال، وقوله تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} تَهَكُّمٌ بِهِمْ فِيمَا ابْتَدَعُوهُ وَافْتَرَوْهُ عَلَى اللَّهِ مِنْ تَحْرِيمِ مَا حَرَّمُوهُ مِنْ ذَلِكَ، {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْهُ، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وَأَوَّلُ مَنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (عَمْرُو بن لحي بن قمعة) لأنه أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ، وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ، وَحَمَى الْحَامِيَ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015