يَقُولُ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّنَا أَجَبْنَا سُؤَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بها فنزلنا عليهم الملائكة تُخْبِرُهُمْ بِالرِّسَالَةِ مِنَ اللَّهِ بِتَصْدِيقِ الرُّسُلِ كَمَا سَأَلُوا فَقَالُوا: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} و {قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ}، {وَقَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ نزل عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا في أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً}، {وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى} أَيْ فَأَخْبَرُوهُمْ بِصِدْقِ مَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ، {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً}، قَرَأَ بَعْضُهُمْ (قِبَلاً) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ من المقابلة والمعاينة، وقرأ آخرون بِضَمِّهِمَا قِيلَ: مَعْنَاهُ مِنَ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَايَنَةِ أَيْضًا كما رواه العوفي عن ابن عباس، وقال مجاهد: قبلا أي أَفْوَاجًا قُبَيْلًا قُبَيْلًا أَيْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ كُلُّ أمة بعد أمة فيخبرونهم بِصِدْقِ الرُّسُلِ فِيمَا جَاءُوهُمْ بِهِ {مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} أَيْ إِنَّ الهداية إليه لا إليهم بل يهدي وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} لِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَقَهْرِهِ وَغَلَبَتِهِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ العذاب الأليم}.