(حديث آخر) قال الحافظ أبو يعلى الموصلي عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ عَامٍ راوية من خمر (في هذا أن تميماً أسلم سنة تسع من الهجرة وقد حرمت الخمر سنة ثمان كما استظهره الحافظ في الفتح) فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ جَاءَ بِهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ وَقَالَ: «إِنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَبِيعُهَا وَأَنْتَفِعُ بِثَمَنِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لعن الله اليهود حرمت عَلَيْهِمْ شُحُومُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَأَذَابُوهُ وَبَاعُوهُ وَاللَّهُ حرم الخمر وثمنها».
(حديث آخر): قال الإمام أحمد عن نافع بن كيسان: أن أبيه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الْخَمْرِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ وَمَعَهُ خَمْرٌ فِي الزُّقَاقِ، يُرِيدُ بِهَا التِّجَارَةَ، فَأَتَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُكَ بِشَرَابٍ طَيِّبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا كَيْسَانُ إِنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَكَ»، قَالَ: فَأَبِيعُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ وَحَرُمَ ثَمَنُهَا» فَانْطَلَقَ كَيْسَانُ إِلَى الزُّقَاقِ فَأَخَذَ بِأَرْجُلِهَا ثم أهراقها.
(حديث آخر): قال الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ بن الجراح وأُبي بن كعب وسهيل ابن بَيْضَاءَ وَنَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ، حَتَّى كَادَ الشَّرَابُ يَأْخُذُ مِنْهُمْ، فَأَتَى آتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: أَمَا شَعَرْتُمْ أَنَّ الْخَمْرَ قد حرمت؟ فقالوا: حتى ننظر، ونسأل، فقالوا: يا أنس اسكب مَا بَقِيَ فِي إِنَائِكَ فَوَاللَّهِ مَا عَادُوا فِيهَا، وَمَا هِيَ إِلاَّ التَّمْرُ وَالْبُسْرُ وَهِيَ خمرهم يومئذ (رواه أحمد والشيخان عن أنَس بن مالك) وفي رواية عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ وَمَا شرابهم إلى الْفَضِيخُ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ، فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي قَالَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ، فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الخمر قد حرمت، فجريت فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا فَهَرَقْتُهَا، فَقَالُوا: أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ قُتِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وعملوا الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طعموا} الآية وعنه قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُدِيرُ الْكَأْسَ عَلَى أَبِي طلحة وأبي عبيدة بن الجراح وأبي دجانة ومعاذ لبن جبل وسهيل بن بيضاء حتى مالت رؤوسهم من خليط بسرة تمر، فسمعت نادياً ينادي: ألا إن الخمر حُرِّمَتْ، قَالَ: فَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ وَلَا خَرَجَ مِنَّا خَارِجٌ حَتَّى أَهْرَقْنَا الشَّرَابَ، وَكَسَرْنَا الْقِلَالَ، وَتَوَضَّأَ بَعْضُنَا، وَاغْتَسَلَ بَعْضُنَا، وَأَصَبْنَا مِنْ طِيبِ أُمِّ سُلَيْمٍ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}، إِلَى قَوْلِهِ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} فَقَالَ رَجُلٌ: يا رسول الله فما ترى فيمن مات وهو يشربها؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وعملوا الصالحات جُنَاحٌ فِيمَا طعموا} الْآيَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِقَتَادَةَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ رَجُلٌ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. مَا كُنَّا نَكْذِبُ وَلَا نَدْرِي مَا الْكَذِبُ (أخرجه ابن جرير من حديث عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنَس بن مالك)
(حديث آخر): قال الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ