- 54 - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
- 55 - إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
- 56 - وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ: أَنَّهُ مَّن تَوَلَّى عَن نُصْرَةِ دِينِهِ وَإِقَامَةِ شَرِيعَتِهِ، فإن الله سيستبدل بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لَهَا مِنْهُ، وَأَشَدُّ مَنْعَةً وَأَقْوَمُ سَبِيلًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم}، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ}، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى الله بعزيز} أي بممتنع ولا صعب. وقال تعالى ههنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ} أَيْ يَرْجِعُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: نَزَلَتْ فِي الْوُلَاةِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ أَيَّامَ أَبِي بَكْرٍ. {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ الْحَسَنُ: هو والله أبو بكر وأصحابه، وقال ابن أبي حاتم عن أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُمْ قَوْمُ هَذَا»، وَرَوَاهُ ابن جرير بِنَحْوِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} هَذِهِ صِفَاتُ الْمُؤْمِنِينَ الكُمَّل، أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ مُتَوَاضِعًا لِأَخِيهِ وَوَلِيِّهِ مُتَعَزِّزًا عَلَى خَصْمِهِ وَعَدُوِّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بينهم}، وفي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ، فَهُوَ ضَحُوكٌ لِأَوْلِيَائِهِ، قَتَّالٌ لأعدائه. وقوله عزَّ وجلَّ: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} أَيْ لَا يَرَدُّهُمْ