عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، وَإِنَّمَا اشْتَدَّ غَضَبُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ قَرَأَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ حَرَّفَ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ، وَكَانَ هَذَا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ يُكَلِّمُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ كَمَا رُوِّينَاهُ عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ {وَكَلَّمَ اللَّهَ مُوسَى تَكْلِيمًا}، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ! كيف تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَآءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ ربه}؟ يَعْنِي أَنَّ هَذَا لَا يَحْتَمِلُ التَّحْرِيفَ وَلَا التأويل. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ عَلَى مُوسَى يَوْمَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ جُبَّةُ صُوفٍ، وَكِسَاءُ صُوفٍ، وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ؛ وَنَعْلَانِ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذكي».

وقوله تعالى: {رُّسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} أَيْ يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَاتَّبَعَ رِضْوَانَهُ بِالْخَيِّرَاتِ، وَيُنْذِرُونَ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وكذَّب رُسُلَهُ بِالْعِقَابِ وَالْعَذَابِ، وَقَوْلُهُ: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}، أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ كُتُبَهُ وَأَرْسَلَ رُسُلَهُ بِالْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ، وَبَيَّنَ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ مِمَّا يَكْرَهُهُ وَيَأْبَاهُ، لِئَلَّا يَبْقَى لِمُعْتَذِرٍ عُذْرٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى}، وكذا قوله: {وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} الآية، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا أحد أغيرَ من الله، من أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ من الله عزَّ وجلَّ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ»، وَفِي لَفْظٍ آخر: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْسَلَ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015