(تابع ... 1): 169 - وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أحياء عند ربهم ... ...
قَالَ تَعَالَى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} أَيْ لَمَّا تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ كَفَاهُمْ مَا أَهَمَّهُمْ، وَرَدَّ عَنْهُمْ بَأْسَ ما أَرَادَ كَيْدَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى بَلَدِهِمْ: {بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} مِمَّا أَضْمَرَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ، {وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}. عن ابن عباس في قوله الله: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ}، قَالَ (النِّعْمَةُ) أنهم سلموا، و (الفضل) أن عيراً مرت فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَبِحَ فِيهَا مَالًا فَقَسَّمَهُ بين أصحابه (رواه البيهقي عن عكرمة عن ابن عباس) وقال مجاهد في قوله الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} قَالَ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ قَالَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِدُكُمْ بَدْرٌ حَيْثُ قَتَلْتُمْ أَصْحَابَنَا، فَقَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَسَى»، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَوْعِدِهِ حَتَّى نَزَلَ بدراً فوافقوا السوق فيها فابتاعوا، فذلك اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يمسسهم سوء} الآية، قال: هي غزوة بدر الصغرى (أخرجه ابن جرير عن مجاهد.)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أَيْ يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ وَيُوهِمُكُمْ أَنَّهُمْ ذَوُو بَأْسٍ وَذَوُو شِدَّةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} إذا سوَّل لكم وأوهمكم فتوكلوا عليّ والجأوا إليَّ فإني كَافِيكُمْ وَنَاصِرُكُمْ عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضعيفاً}، وَقَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ}، وقال: كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}، وقال: {وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن ينصره}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَنصُرُواْ الله بنصركم} الآية، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا وَيَوْمَ يقوم الأشهاد} والآيات في ذلك كثيرة.