الأول ومفسر له، ولهذا قال تعالى: {إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الصَّوَابُ أَنَّ اللَّامَ لَامُ التَّعَجُّبِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: اعْجَبُوا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ وَنِعْمَتِي عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، قَالَ: وَذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُمَا سُورَتَانِ مُنْفَصِلَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ، ثُمَّ أَرْشَدَهُمْ إِلَى شُكْرِ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ فَقَالَ: {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أَيْ فَلْيُوَحِّدُوهُ بِالْعِبَادَةِ كَمَا جَعَلَ لَّهُمْ حَرَماً آمِناً وَبَيْتًا مُحَرَّمًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} وقوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ} أَيْ هُوَ رَبُّ الْبَيْتِ وَهُوَ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} أَيْ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِالْأَمْنِ وَالرُّخْصِ، فَلْيُفْرِدُوهُ بِالْعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلاَ يَعْبُدُوا مِنْ دُونِهِ صَنَمًا وَلَا نِدًّا وَلَا وَثَنًا، وَلِهَذَا مَنِ اسْتَجَابَ لِهَذَا الْأَمْرِ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ بَيْنَ أَمْنِ الدُّنْيَا وَأَمْنِ الْآخِرَةِ، وَمَنْ عَصَاهُ سَلَبَهُمَا مِنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}. عَنْ أُسامة بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «{لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} وَيَحْكُمُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف» (قال ابن كثير: صوابه عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ (أُم سلمة) الأنصارية رضي الله عنها، لا عن أُسامة بن زيد ولعله وقع خطأ في النسخة أو في أصل الرواية)