يَتِيمًا فَآوَاكَ اللَّهُ، فَلَا تَقْهَرِ الْيَتِيمَ، أَيْ لَا تُذِلَّهُ وَتَنْهَرْهُ وَتُهِنْهُ، وَلَكِنْ أَحْسِنْ إِلَيْهِ وتلطف به، وقال قَتَادَةُ: كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} أَيْ وَكَمَا كُنْتَ ضَالًّا فَهَدَاكَ اللَّهُ، فَلَا تَنْهَرِ السَّائِلَ فِي الْعِلْمِ الْمُسْتَرْشِدَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} أَيْ فَلَا تَكُنْ جَبَّارًا وَلَا مُتَكَبِّرًا، وَلَا فَحَّاشًا وَلَا فَظًّا عَلَى الضُّعَفَاءِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي رُدَّ الْمِسْكِينَ بِرَحْمَةٍ وَلِينٍ، {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} أَيْ وَكَمَا كُنْتَ عَائِلًا فَقِيرًا فَأَغْنَاكَ اللَّهُ، فَحَدِّثْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ، كَمَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: «وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ، مُثِنِينَ بِهَا عَلَيْكَ، قَابِلِيهَا وأتمها علينا». وعن أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ أَنَّ من شكر النعم أن يحدث بها (رواه ابن جرير)، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أنَس أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الْأَنْصَارُ بِالْأَجْرِ كُلِّهِ، قَالَ: «لَا، مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ لَهُمْ، وَأَثْنَيْتُمْ عليهم» (أخرجه الشيخان) وروى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَن لاَّ يشكر الناس» (أخرجه أبو داود والترمذي). وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي النُّبُوَّةَ الَّتِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، وفي رواية عنه: القرآن، وقال الحسن بن علي: مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ فَحَدِّثْ إِخْوَانَكَ، وَقَالَ ابن إسحاق: مَا جَآءَكَ مِنَ اللَّهُ مِنْ نِعْمَةٍ وَكَرَامَةٍ مِنَ النُّبُوَّةِ، فَحَدِّثْ بها واذكرها وادع إليها.