سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أحمد، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثلكم وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ أَلَا فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ: مَن يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الظهر إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ أَلَا فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ: مَن يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين عَمِلْتُمْ، فَغَضِبَتِ النَّصَارَى وَالْيَهُودُ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مَنْ أَجْرِكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّمَا هُوَ فضلي أوتيه من أشاء" (أخرجه الإمام أحمد). وروى البخاري، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كمثل رجل استعمل قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا، يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَفْعَلُوا أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا، فَأَبَوْا وَتَرَكُوا، وَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ بِعْدَهُمْ، فَقَالَ: أكملوا يَوْمِكُمْ وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الْأَجْرِ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلَّوُا الْعَصْرَ، قَالُوا: مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ وَلَكَ الْأَجْرُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ، فَقَالَ: أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، فإنما بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ فَأَبَوْا، فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بقية يومهم حتى غابت الشمس فاستكملوا أجرة الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا من هذا النور" (رواه البخاري في صحيحه). وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِن فَضْلِ اللَّهِ} أَيْ لِيَتَحَقَّقُوا أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى رَدِّ ما أعطاه الله ولا إِعْطَاءِ مَا مَنَعَ اللَّهِ. {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ العظيم}. قال ابن جرير: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} أي ليعلم، وعن ابن مسعود أنه قرأها: لكي يعلم لِأَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ (لَا) صِلَةً فِي كُلِّ كلام دخل أوله أو آخره جَحْدٌ غَيْرُ مُصَرَّحٍ، فَالسَّابِقُ كَقَوْلِهِ: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ}، {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ}.