وقوله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ الْمُسْرِفِينَ} يمتن عليهم بِذَلِكَ حَيْثُ أَنْقَذَهُمْ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ إِهَانَةِ فِرْعَوْنَ وَإِذْلَالِهِ لَهُمْ، وَتَسْخِيرِهِ إِيَّاهُمْ فِي الأعمال المهينة الشاقة، وقوله تعالى: {مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً} أي مستكبراً جباراً عنيداً كقوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض}، وقوله جلَّت عظمته: {فاستكبروا وَكَانُواْ قَوْماً عالين}، {مِّنَ المسرفين} أي مسرف فِي أَمْرِهِ سَخِيفَ الرَّأْيِ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ جلَّ جلاله: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} قَالَ مجاهد: عَلَى مَنْ هُمْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: اخْتِيرُوا عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِمْ ذَلِكَ، وَكَانَ يُقَالُ: إن لكل زمان عالماً، وهذا كقوله عزَّ وجلَّ لمريم عليها السلام {واصطفاك على نِسَآءِ العالمين} أي في زمنها، فإن خديجة رضي الله عنها أفضل منها، أو مساوية لها في الفضل، وكذا آسية امرأة فرعون، وفضل عائشة رضي الله عنها عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ، وقوله جلَّ جلاله: {وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الآيات} الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ {مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ} أي اختيار جَلِيٌّ لِمَنِ اهْتَدَى بِهِ.