سنة، ثم قال {إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ} أَيْ لَا خُرُوجَ لَكُمْ مِنْهَا وَلَا مَحِيدَ لَكُمْ عَنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ سَبَبَ شِقْوَتِهِمْ وَهُوَ مُخَالَفَتُهُمْ لِلْحَقِّ وَمُعَانَدَتُهُمْ لَهُ فَقَالَ: {لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ} أَيْ بَيَّنَّاهُ لَكُمْ وَوَضَّحْنَاهُ وَفَسَّرْنَاهُ، {ولكنَّ أكثرهم لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} أَيْ وَلَكِنْ كَانَتْ سَجَايَاكُمْ لَا تَقْبَلُهُ وَلَا تُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَنْقَادُ لِلْبَاطِلِ وتعظمه، وتصد عن الحق وتأباه، فَعُودُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِالْمَلَامَةِ، وَانْدَمُوا حَيْثُ لَا تنفعكم الندامة، ثم قال تبارك وتعالى: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ}، قَالَ مُجَاهِدٌ: أرادوا كيد شر فكدناهم، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَتَحَيَّلُونَ فِي رَدِّ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ بِحِيَلٍ وَمَكْرٍ يَسْلُكُونَهُ، فَكَادَهُمُ اللَّهُ تعالى وَرَدَّ وَبَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم}، أَيْ سَرَّهُمْ وَعَلَانِيَتَهُمْ {بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} أَيْ نَحْنُ نَعْلَمُ مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَالْمَلَائِكَةُ أَيْضًا يَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُمْ صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا.