يَقُولُ تَعَالَى: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} أَيْ إِنَّمَا يَعُودُ نَفْعُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، {وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا} أَيْ إِنَّمَا يَرْجِعُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} أَيْ لَا يعاقب أحداً إلا بذنبه، وَلَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وإرسال الرسول إليه، ثم قال جلَّ وعلا: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} أَيْ لَا يَعْلَمُ ذلك أحد سواه، كما قال سيد البشر لجبريل عليه السلام حين سأله عن الساعة، فقال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل»، وكما قال عزَّ وجلَّ: {إلى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ}، وقال جلَّ جلاله: {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إلا هو}، وقوله تبارك وتعالى: {وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} أَيِ الْجَمِيعُ بِعِلْمِهِ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، كقوله: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا}، وقال تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، وقوله جلَّ وعلا: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي} أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ينادي الله المشركين على رؤوس الْخَلَائِقِ، أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ عَبَدْتُمُوهُمْ مَعِي؟ {قَالُوا آذَنَّاكَ} أَيْ أَعْلَمْنَاكَ، {مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} أي ليس أحد منا يشهد اليوم أَنَّ مَعَكَ شَرِيكًا، {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِن قَبْلُ} أَيْ ذَهَبُوا فَلَمْ يَنْفَعُوهُمْ، {وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} أي وأيقن المشركون يَوْمَ القيامة {مَا لَهُمْ مِن مَّحِيصٍ} أَيْ لَا مَحِيدَ لهم من عَذَابِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا}.