رواية: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قال صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله ثم استقم» (أخرجه مسلم والنسائي).
وقوله تعالى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة} قال مجاهد والسدي: يعني عند الموت قائلين: {أَلاَّ تَخَافُواْ} أَيْ مِمَّا تُقْدِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ {وَلاَ تَحْزَنُواْ} عَلَى مَا خَلَّفْتُمُوهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا مِنْ وَلَدٍ وَأَهْلٍ وَمَالٍ أَوْ دَيْنٍ، فَإِنَّا نَخْلُفُكُمْ فِيهِ، {وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} فَيُبَشِّرُونَهُمْ بذهاب الشر وحصول الخير، وهذا كما جاء في حديث البراء رضي الله عنه قال: "أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ لِرُوحِ الْمُؤْمِنِ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرنيه، اخْرُجِي إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ"، وَقِيلَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ خُرُوجِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ (حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عباس والسدي)، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: يُبَشِّرُونَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وفي قبره وحين يبعث، وَهَذَا الْقَوْلُ يَجْمَعُ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا وَهُوَ حَسَنٌ جداً، وقوله تبارك وتعالى: {نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} أَيْ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ: نَحْنُ كُنَّا أَوْلِيَاءَكُمْ، أَيْ قُرَنَاءَكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، نُسَدِّدُكُمْ وَنُوَفِّقُكُمْ وَنَحْفَظُكُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ نَكُونُ مَعَكُمْ فِي الْآخِرَةِ نُؤْنِسُ مِنْكُمُ الْوَحْشَةَ فِي الْقُبُورِ، وَعِنْدَ النَّفْخَةِ فِي الصُّورِ، وَنُؤَمِّنُكُمْ يَوْمَ البعث والنشور، {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسَكُمْ} أَيْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ جَمِيعِ مَا تَخْتَارُونَ مِمَّا تَشْتَهِيهِ النُّفُوسُ وَتَقَرُّ بِهِ الْعُيُونُ {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} أَيْ مَهْمَا طَلَبْتُمْ وَجَدْتُمْ وَحَضَرَ بَيْنَ أيديكم كَمَا اخْتَرْتُمْ {نُزُلاً مِّنْ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أَيْ ضيافة وعطاء {مِّنْ غَفُورٍ} لذنوبكم {رَّحِيمٍ} بكم حيث غفر وستر، ورحم ولطف، وفي الحديث: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ»، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس ذلك كراهية المرت، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حُضِرَ جَاءَهُ الْبَشِيرُ مِنَ الله تعالى بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَقِيَ اللَّهَ تعالى، فَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، قَالَ: وَإِنَّ الْفَاجِرَ، أَوِ الْكَافِرَ، إِذَا حُضِرَ جَاءَهُ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ أَوْ مَا يَلْقَى مِنَ الشَّرِّ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ فَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ" (أخرجه الإمام أحمد عن أنَس رضي الله عنه).