بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- 1 - حم
- 2 - تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
- 3 - غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التوب شَدِيدِ العقاب ذي الطول لا إله إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ
أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إعادته ههنا، وقوله تعالى: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، أَيْ تَنْزِيلُ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ الْقُرْآنُ مِنَ اللَّهِ ذِي الْعِزَّةِ وَالْعِلْمِ فَلَا يُرَامُ جَنَابُهُ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ الذَّر وَإِنْ تَكَاثَفَ حِجَابُهُ، وَقَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} أَيْ يَغْفِرُ مَا سَلَفَ مِنَ الذَّنْبِ وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لمن تاب إليه، وخضع لديه، وقوله جلَّ وعلا {شَدِيدُ الْعِقَابِ} أَيْ لِمَنْ تَمَرَّدَ وَطَغَى، وَآثَرَ الحياة الدنيا، وعتا عن أوامر الله تعالى وبغى، وهذه كقوله: {نبئ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم * وأنا عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم} يقرن هذين الوصفين كثيراً في مواقف مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ لِيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَ الرَّجَاءِ والخوف، وقوله تعالى: {ذِي الطَّوْلِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي السَّعَةَ والغنى (وهو قول مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ)، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ {ذِي الطَّوْلِ} يَعْنِي الْخَيْرَ الْكَثِيرَ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ذِي المن، وقال قتادة: ذِي النِّعَمِ وَالْفَوَاضِلِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ عَلَى عباده، المتطول عليهم بما هم فِيهِ مِنَ الْمِنَنِ وَالْأَنْعَامِ الَّتِي لَا يُطِيقُونَ القيام بشكر واحدة منها، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا} الآية، وقوله جلت عظمته: {لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أَيْ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ فَلَا إِلَهَ غَيْرَهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ، {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} أَيِ الْمَرْجِعُ والمآب، فيجازي كل عامل بعمله، وقال أبو بكر بن عياش: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قتلت فهل لي من توبة؟ فقرأ عمر رضي الله عنه: {حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ}، وَقَالَ: اعمل ولا تيأس (أخرجه ابن أبي حاتم)، وعن يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ذُو بَأْسٍ، وَكَانَ يَفِدُ إِلَى عمر