سَمَاعِهَا مُتَشَاغِلِينَ لَاهِينَ عَنْهَا بَلْ مُصْغِينَ إِلَيْهَا، وَيَسْجُدُونَ عِنْدَهَا عَنْ بَصِيرَةٍ لَا عَنْ جَهْلٍ ومتابعة لغيرهم، (الثَّالِثُ) أَنَّهُمْ يَلْزَمُونَ الْأَدَبَ عِنْدَ سَمَاعِهَا، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِنْدَ سَمَاعِهِمْ كلام الله تعالى تَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ، ثُمَّ تَلِينُ مَعَ قُلُوبِهِمْ إِلَى ذِكْرِ الله، لم يكونوا يتصارخون، بَلْ عِنْدَهُمْ مِنَ الثَّبَاتِ وَالسُّكُونِ وَالْأَدَبِ وَالْخَشْيَةِ ما لا يلحقهم أحد في ذلك، تَلَا قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قَالَ: هَذَا نَعْتُ أَوْلِيَاءِ الله، نعتهم الله عزَّ وجلَّ بِأَنْ تَقْشَعِرَّ جُلُودُهُمْ وَتَبْكِيَ أَعْيُنُهُمْ، وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَلَمْ يَنْعَتْهُمْ بِذَهَابِ عُقُولِهِمْ، وَالْغَشَيَانِ عَلَيْهِمْ، إِنَّمَا هَذَا فِي أَهْلِ الْبِدَعِ، وهذا من الشيطان، وقال السدي: {إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} أَيْ إِلَى وَعْدِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} أَيْ هَذِهِ صِفَةُ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ، وَمَنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، فَهُوَ مِمَّنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.