- 20 - وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ
- 21 - وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شيء حفيظ
لما ذكر تَعَالَى قِصَّةَ سَبَأٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ فِي اتِّبَاعِهِمُ الْهَوَى وَالشَّيْطَانِ، أَخْبَرَ عَنْهُمْ وَعَنْ أمثالهم ممن اتبع إبليس والهوى والرشاد وَالْهُدَى فَقَالَ: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ}، قال ابن عباس: هَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ إِبْلِيسٍ {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلًا}، وقال {وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين} وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لما أهبط الله آدم عليه الصلاة والسلام مِنَ الْجَنَّةِ وَمَعَهُ حَوَّاءُ، هَبَطَ إِبْلِيسُ فَرِحًا بِمَا أَصَابَ مِنْهُمَا، وَقَالَ: إِذَا أَصَبْتُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ مَا أَصَبْتُ فَالذُّرِّيَّةُ أَضْعَفُ وَأَضْعَفُ، وَكَانَ ذَلِكَ ظَنًّا مِنْ إِبْلِيسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ إِبْلِيسُ: لَا أُفَارِقُ ابْنَ آدَمَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ أَعِدُهُ وَأُمَنِّيهِ وَأَخْدَعُهُ، فَقَالَ اللَّهُ تعالى: وعزتي وجلالي لَا أَحْجُبُ عَنْهُ التَّوْبَةَ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ بِالْمَوْتِ، وَلَا يَدْعُونِي إِلَّا أَجَبْتُهُ، وَلَا يَسْأَلُنِي إِلَّا أَعْطَيْتُهُ، وَلَا يَسْتَغْفِرُنِي إِلَّا غَفَرْتُ لَهُ (رواه ابن أبي حاتم عن الحسن البصري). وقوله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ مِنْ حُجَّةٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَاللَّهِ مَا ضَرَبَهُمْ بِعَصَا وَلَا أَكْرَهَهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَمَا كَانَ إِلَّا غُرُورًا وَأَمَانِيَّ، دعاهم إليها فأجابوه، وقوله عزَّوجلَّ: {إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ} أَيْ إِنَّمَا سَلَّطْنَاهُ عَلَيْهِمْ ليظهر أمر من هو مؤمن بالآخرة والحساب وَالْجَزَاءِ، فَيُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ فِي الدُّنْيَا مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ، وَقَوْلُهُ تعالى: {وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ} أَيْ وَمَعَ حِفْظِهِ ضَلَّ مَنْ ضَلَّ مِنَ اتِّبَاعِ إِبْلِيسَ، وَبِحِفْظِهِ وَكِلَاءَتِهِ سَلِمَ مَنْ سَلِمَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أتباع الرسل.