يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ جَهْلِ الْمُشْرِكِينَ، فِي استعجالهم عذاب الله أت يَقَعَ بِهِمْ، وَبَأْسَ اللَّهِ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، وقال ههنا: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ الْعَذَابُ} أي لولا ما ختم اللَّهُ مِنْ تَأْخِيرِ الْعَذَابِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ قَرِيبًا سَرِيعًا كَمَا اسْتَعْجَلُوهُ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً} أَيْ فَجْأَةً، {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} أي يستعجلون العذاب وهو واقع بهم لا محالة، ثم قال عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ}، وقال تعالى: {لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ}، فَالنَّارُ تَغْشَاهُمْ مِنْ سَائِرِ جِهَاتِهِمْ وَهَذَا أَبْلَغُ في العذاب الحسي، وقوله تعالى: {وَنَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} تَهْدِيدٌ وَتَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ وهذا عذاب معنوي على النفوس، كقوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النار على وجوهم ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بقدر}، وقال تَعَالَى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَذِهِ النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ}.