- 4 - مالك [ملك] يوم الدين
قرأ بعض القراء (مَلِك) وقرأ آخرون (مالك) وكلاهما صحيح متواتر، و (مالك) مأخوذ من المِلْك كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نرثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرجعون}، و (ملك) مخوذ مِنَ المُلك كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِّمَنِ الْمُلْكُ اليوم}؟ وقال: {الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن} وتخصيصُ الْمُلْكِ بِيَوْمِ الدِّينِ لَا يَنْفِيهِ عَمَّا عَدَاهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أحد هناك كل شَيْئًا، وَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا قال تعالى {لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً}، وقال تعالى: {يَوْمَ يأتي لاَ تكَلَّمُ نفسٌ إلا بإذنه}، وعن ابن عباس قال: يوم الدين يوم الحساب للخلائق، يُدِينُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ، إلا من عفا عنه.
والمِلْكُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ عزَّ وَجَلَّ، فَأَمَّا تَسْمِيَةُ غَيْرِهِ فِي الدُّنْيَا بِمَلِكٍ فَعَلَى سبيل المجاز، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قَالَ: يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ (رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعاً)
و (الدين): الجزاء والحساب كما قال تعالى {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} أَيْ مَجْزِيُّونَ مُحَاسَبُونَ، وَفِي الْحَدِيثِ: «الكيّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الموت» (رواه أحمد والترمذي وابن ماجة من حديث شداد بن أوس مرفوعاً) أي حاسب نفسه، وعن عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تحاسبوا».