- 28 - وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكَمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
- 29 - أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
- 30 - قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَبِيِّهِ (لُوطٍ) عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى قَوْمِهِ سُوءَ صَنِيعِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ قَبِيحِ الْأَعْمَالِ، في اتباعهم الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَلَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَى هَذِهِ الفعلة أحد من نبي آدَمَ قَبْلَهُمْ، وَكَانُوا مَعَ هَذَا يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَيُكَذِّبُونَ رَسُولَهُ وَيُخَالِفُونَهُ وَيَقْطَعُونَ السَّبِيلَ، أَيْ يَقِفُونَ فِي طَرِيقِ النَّاسِ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَهُمْ، {وَتَأْتُونَ في ناديهم الْمُنْكَرَ} أَيْ يَفْعَلُونَ مَا لَا يَلِيقُ مِنَ الأقوال فِي مَجَالِسِهِمُ الَّتِي يَجْتَمِعُونَ فِيهَا، لَا يُنْكِرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَمِنْ قائل: كانوا يأتون بعضهم فِي الْمَلَأِ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَمِنْ قَائِلٍ: كَانُوا يتضارطون ويتضاحكون، روى الإمام أحمد عن أحمد عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى {وتأتون في ناديهم الْمُنْكَرَ} قَالَ: «يَحْذِفُونَ أَهْلَ الطَّرِيقِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ وذلك المنكر الذي كانوا يأتونه» (أخرجه أحمد وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ). وعن مجاهد {وَتَأْتُونَ في ناديهم المنكر} قال: الصفير ولعب الحمام وحل أزرار القباء، وقوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أن قال ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} وهذا من كفرهم واستهزئهم وَعِنَادِهِمْ، وَلِهَذَا اسْتَنْصَرَ عَلَيْهِمْ نبيَّ اللَّهِ فَقَالَ: {رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}.