بصرك وانظر فإنه لَا يَكِلُّ بَصَرُكَ إِلَّا وَهُوَ حَاضِرٌ عِنْدَكَ، وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: امْدُدْ بَصَرَكَ فَلَا يبلغ مداه حتى آتيك به، ثم قام فتوضأ ودعا الله تعالى، قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: يَا إِلَهَنَا وَإِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ائتني بعرشها، قال: فمثل بين يديه، فَلَمَّا عَايَنَ سُلَيْمَانُ وَمَلَؤُهُ ذَلِكَ وَرَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ {قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي} أَيْ هذا من نعم
الله علي {ليبلوني} لِيَخْتَبِرَنِي {أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}، كَقَوْلِهِ: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا}، وكقوله: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ}، وَقَوْلُهُ: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} أَيْ هُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْعِبَادِ وَعِبَادَتِهِمْ، كَرِيمٌ: أَيْ كَرِيمٌ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْبُدْهُ أَحَدٌ، فَإِنَّ عَظَمَتَهُ لَيْسَتْ مُفْتَقِرَةً إِلَى أَحَدٍ، وَهَذَا كَمَا قَالَ مُوسَى: {إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمِنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومُنَّ إِلَّا نَفْسَهُ".