بْنُ الْأَزْرَقِ) وَكَانَ كَثِيرَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ: قِفْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ غُلِبْتَ الْيَوْمَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنَّكَ تُخْبِرُ أن الهدهد يَرَى الْمَاءَ فِي تُخُومِ الْأَرْضِ، وَإِنَّ الصَّبِيَّ لَيَضَعُ لَهُ الْحَبَّةَ فِي الْفَخِّ، وَيَحْثُو عَلَى الْفَخِّ تُرَابًا فَيَجِيءُ الْهُدْهُدُ لِيَأْخُذَهَا فَيَقَعُ فِي الْفَخِّ فَيَصِيدُهُ الصَّبِيُّ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْلَا أَنْ يَذْهَبَ هَذَا فَيَقُولُ رَدَدْتُ عَلَى ابْنِ عباس لما أجبته، ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ إِنَّهُ إِذَا نَزَلَ الْقَدَرُ عَمِيَ الْبَصَرُ وَذَهَبَ الْحَذَرُ، فَقَالَ لَهُ نَافِعٌ: وَاللَّهِ لَا أُجَادِلُكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَبَدًا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا غَدَا إِلَى مَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِيهِ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ، وَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ يَأْتِيهِ نُوَبٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الطَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ طَائِرٌ، فَنَظَرَ فَرَأَى مِنْ أَصْنَافِ الطَّيْرِ كُلِّهَا مَنْ حَضَرَهُ إِلَّا الْهُدْهُدَ {فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} أَخْطَأَهُ بَصَرِي مِنَ الطَّيْرِ أَمْ غَابَ فَلَمْ يَحْضُرْ؟ وَقَوْلُهُ: {لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً} قال ابن عباس يعني نتف ريشه، وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ إِنَّهُ نَتْفُ رِيشِهِ وَتَرْكُهُ مُلْقًى يَأْكُلُهُ الذَّرُّ وَالنَّمْلُ، وَقَوْلُهُ: {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} يَعْنِي قَتْلَهُ {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} بعذر بين واضح، وقال سفيان بن عيينه: لما أقدم الهدهد قالت لَهُ الطَّيْرُ: مَا خَلَّفَكَ فَقَدْ نَذَرَ سُلَيْمَانُ دمك، فقال: هل استثنى؟ قالوا: نَعَمْ، قَالَ: {لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} قال: نجوت إذاً.