هُمُ الْفَاسِقُونَ} أَيْ فَمَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِي بعد ذلك، فلما خرج عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وَكَفَى بِذَلِكَ ذَنْبًا عَظِيمًا، فَالصَّحَابَةُ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمَّا كَانُوا أَقْوَمَ الناس بِأَوَامِرِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وَأَطْوَعَهُمْ لِلَّهِ كَانَ نصرهم بحسبهم، أظهروا كَلِمَةَ اللَّهِ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، وَأَيَّدَهُمْ تَأْيِيدًا عظيماً، وحكموا سَائِرِ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ، وَلَمَّا قَصَّرَ النَّاسُ بَعْدَهُمْ في بعض الأوامر نقص ظهروهم بِحَسَبِهِمْ، وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» (وَفِي رِوَايَةٍ «حَتَّى يُقَاتِلُوا الدَّجَّالَ» وَفِي رِوَايَةٍ «حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» وكلها صَحِيحَةٌ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا).