- 82 - وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّهُ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ، أَيْ يُذْهِبُ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ أَمْرَاضٍ مِنْ شَكٍّ وَنِفَاقٍ، وشرك وزيع وَمَيْلٍ، فَالْقُرْآنُ يَشْفِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَهُوَ أَيْضًا رَحْمَةٌ، يَحْصُلُ فِيهَا الْإِيمَانُ وَالْحِكْمَةُ وَطَلَبُ الْخَيْرِ وَالرَّغْبَةُ فِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا إِلَّا لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَاتَّبَعَهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ شِفَاءً فِي حَقِّهِ وَرَحْمَةً، وَأَمَّا الْكَافِرُ الظَّالِمُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ؛ فَلَا يَزِيدُهُ سَمَاعُهُ الْقُرْآنَ إِلَّا بُعْدًا وَكُفْرًا، وَالْآفَةُ مِنَ الْكَافِرِ لَا مِنَ الْقُرْآنِ، كقوله تَعَالَى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ}. وقال تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ}، قال قتادة: إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ورعاه {وَلاَ يَزِيدُ الظالمين إَلاَّ خَسَاراً}: أي لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَحْفَظُهُ وَلَا يَعِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ هَذَا الْقُرْآنَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ.