- 67 - وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ

- 68 - قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ

- 69 - وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ

- 70 - قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ

- 71 - قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ

- 72 - لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ

يُخْبِرُ تَعَالَى عِنْ مَجِيءِ قَوْمِ لُوطٍ لَمَّا عَلِمُوا بِأَضْيَافِهِ وَصَبَاحَةِ وُجُوهِهِمْ، وَأَنَّهُمْ جَاءُوا مُسْتَبْشِرِينَ بِهِمْ فَرِحِينَ {قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ} وَهَذَا إِنَّمَا قَالَهُ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أنهم رسل الله، كما قال في سورة هود، وأما ههنا فَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَعُطِفَ بِذِكْرِ مَجِيءِ قَوْمِهِ وَمُحَاجَّتِهِ لَهُمْ، وَلَكِنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِيَ التَّرْتِيبَ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، فَقَالُوا لَهُ مُجِيبِينَ: {أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} أَيْ أَوَمَا نَهَيْنَاكَ أَنْ تُضِيفَ أَحَدًا؟ فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَمَا خَلَقَ لَهُمْ ربهم منهن من الفروج المباحة، هَذَا كُلُّهُ وَهُمْ غَافِلُونَ عَمَّا يُرَادُ بِهِمْ وَمَا قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ، وَمَاذَا يُصَبِّحُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْمُسْتَقِرِّ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}، أَقْسَمَ تَعَالَى بِحَيَاةِ نَبِيِّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ ومقام رفيع وجاه عريض. قال ابن عباس: مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا ذَرَأَ وَمَا بَرَأَ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} يَقُولُ: وَحَيَاتِكَ وَعُمْرِكَ وَبَقَائِكَ فِي الدُّنْيَا {إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ)، وَقَالَ قَتَادَةُ: {فِي سَكْرَتِهِمْ} أَيْ ضلالتهم، {يَعْمَهُونَ} أي يلعبون، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} لَعَيْشُكَ، {إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} قال: يترددون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015