إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
يَقُولُ تَعَالَى: وَلَمَّا فَتَحَ إِخْوَةُ يُوسُفَ مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بضاعتهم ردت إليهم، هي الَّتِي كَانَ أَمَرَ يُوسُفُ فِتْيَانَهُ بِوَضْعِهَا فِي رحالهم، ولما وَجَدُوهَا فِي مَتَاعِهِمْ {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي} أَيْ مَاذَا نُرِيدُ، {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا}، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ: مَا نَبْغِي وَرَاءَ هَذَا إِنَّ بِضَاعَتَنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَقَدْ أُوفِيَ لَنَا الْكَيْلُ، {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} أَيْ إِذَا أَرْسَلْتَ أَخَانَا مَعَنَا نَأْتِي بِالْمِيرَةِ إِلَى أَهْلِنَا، {وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ}، وَذَلِكَ أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُعْطِي كُلَّ رَجُلٍ حِمْلَ بعير، {ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ} هَذَا مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ وَتَحْسِينِهِ، أَيْ إِنَّ هَذَا يَسِيرٌ فِي مُقَابَلَةِ أَخْذِ أَخِيهِمْ مَا يَعْدِلُ هَذَا، {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ
حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللَّهِ} أَيْ تَحْلِفُونَ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ}، إِلَّا أَنْ تُغْلَبُوا كُلُّكُمْ وَلَا تَقْدِرُونَ عَلَى تَخْلِيصِهِ، {فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} أكده عليهم، {قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مَنْ بَعْثِهِمْ لِأَجْلِ الْمِيرَةِ الَّتِي لَا غنى لهم عنها فبعثه معهم.