أَيْ مِنْ أَثَاثِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا، {وَأَمْوَالاً} أَيْ جَزِيلَةً كَثِيرَةً {فِي} هَذِهِ {الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ} أَيْ لِيَفْتَتِنَ بِمَا أَعْطَيْتَهُمْ مَنْ شِئْتَ مِنْ خلقك، وليظن من أغويته أنك إنما أعطيتهم هَذَا لِحُبِّكَ إِيَّاهُمْ وَاعْتِنَائِكَ بِهِمْ {رَبَّنَا اطْمِسْ على أَمْوَالِهِمْ}، قال ابن عباس: أي أهلكها، وقال الضحاك: اجعلها حِجَارَةً مَنْقُوشَةً كَهَيْئَةِ مَا كَانَتْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بلغنا أن زروعهم تحولت حِجَارَةٍ، وَقَوْلُهُ: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيِ اطْبَعْ عَلَيْهَا {فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ كَانَتْ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِدِينِهِ عَلَى فرعون وملئه الذين تبين له أنهم لَا خَيْرَ فِيهِمْ وَلَا يَجِيءُ مِنْهُمْ شَيْءٌ، كَمَا دَعَا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: {رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}، وَلِهَذَا اسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِمْ هَذِهِ الدَّعْوَةَ الَّتِي أمَّن عَلَيْهَا أَخُوهُ هَارُونُ، فَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا}، قَالَ أبو العالية وعكرمة: دَعَا مُوسَى وَأَمَّنَ هَارُونُ، أَيْ قَدْ أَجَبْنَاكُمَا فيما سألتما من تدمير آل فرعون، {فاستقيما} أَيْ كَمَا أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا عَلَى أَمْرِي، قال ابْنِ عَبَّاسٍ: فَاسْتَقِيمَا: فَامْضِيَا لِأَمْرِي وَهِيَ الِاسْتِقَامَةُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يَقُولُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ مَكَثَ بعد هذه الدعوة أربعين سنة، وقيل: أربعين يوماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015