لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
- 86 - وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ موسى أنه قال لبني إسرائيل: {يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} أَيْ فَإِنَّ اللَّهَ كافٍ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عبده}، {من يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فهو حسبه}، وكثيراً ما يقرن الله تعالى بين العبادة والتوكل، كقوله تعالى: {فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}، وَقَدِ امْتَثَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ فَقَالُوا: {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظالمين} أي
لا تظفرهم وَتُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيَظُنُّوا أَنَّهُمْ إِنَّمَا سُلِّطُوا لِأَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَنَحْنُ عَلَى الْبَاطِلِ فَيُفْتَنُوا بِذَلِكَ، هكذا روي عن أبي الضحى، وقال مجاهد: لاتعذبنا بأيدي آل فِرْعَوْنَ وَلَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ فَيَقُولُ قَوْمُ فِرْعَوْنَ: لَوْ كَانُوا عَلَى حَقٍّ مَا عُذِّبُوا ولا سلطنا عليهم فيفتنوا بنا. وعن مجاهد: لاَّ تسلطهم علينا فيفتنونا، وقوله: {وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ} أَيْ خَلِّصْنَا بِرَحْمَةٍ مِنْكَ وَإِحْسَانٍ {مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} أَيْ الَّذِينَ كَفَرُوا الْحَقَّ وَسَتَرُوهُ وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا بِكَ وَتَوَكَّلْنَا عَلَيْكَ.