{فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أَيْ أَفَلَيْسَ لَكُمْ عُقُولٌ تَعْرِفُونَ بِهَا الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ؟ وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ هِرَقْلُ ملك الروم (أبا سفيان) قال له: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: لَا، وكان أَبُو سُفْيَانَ إِذْ ذَاكَ رَأْسَ الْكَفَرَةِ وَزَعِيمَ الْمُشْرِكِينَ، وَمَعَ هَذَا اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ (وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ) فَقَالَ لَهُ هِرَقْلُ: فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى الناس ثم يذهب ليكذب عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِلنَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ: بَعَثَ اللَّهُ فِينَا رَسُولًا نعرف صدقه ونسبه وَأَمَانَتَهُ، وَقَدْ كَانَتْ مُدَّةَ مَقَامِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بين أظهرنا قبل النبوة أربعين سنة.