- 103 - خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

- 104 - أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التواب الرحيم.

أَمَرَ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يأخذ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً يطهرهم بها وَيُزَكِّيهِمْ بِهَا، وَهَذَا عَامٌّ وَإِنْ أَعَادَ بَعْضُهُمُ الضَّمِيرَ فِي {أَمْوَالِهِمْ} إِلَى الَّذِينَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ (في اللباب: أخرج ابن جرير: وجاء أبو لبابة وأصحابه بأموالهم حين أطلقوا، فقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا، فتصدق بها واستغفر لنا، فقال: «ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً»، فأنزل الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} الآية. وعن قتادة: أن هذه الآيات نزلت في سبعة: أربعة منهم ربطوا أنفسهم، وهم أبو لبابة، ومرداس، وأوس ابن خزان، وثعلبة بن وديعة). ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة أَنَّ دَفْعِ الزَّكَاةِ إِلَى الْإِمَامِ لَا يَكُونُ، وإنما كان خاصاً بالرسول صلى الله عليه وسلم، واحتجوا بقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية، وقد رد عليهم أبو بكر الصدّيق وقاتلهم حتى أدوا الزكاة كَمَا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قَالَ الصِّدِّيقُ: وَاللَّهِ لو منعوني عناقاً - وفي رواية عقالاً - كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. وَقَوْلُهُ: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أَيْ ادْعُ لَهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتي بِصَدَقَةِ قَوْمٍ صَلَّى عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ»، وقوله: {إن صلاتك سَكَنٌ لَّهُمْ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَحْمَةٌ لَهُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: وَقَارٌ، وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} أَيْ لِدُعَائِكَ {عَلِيمٌ} أَيْ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ مِنْكَ ومن هو أهل له، {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ}، هَذَا تَهْيِيجٌ إِلَى التَّوْبَةِ وَالصَّدَقَةِ اللَّتَيْنِ كَلَّ مِنْهَا يَحُطُّ الذُّنُوبَ وَيُمَحِّصُهَا وَيَمْحَقُهَا، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ كُلَّ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ من كسب حلال فإن الله يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا، حَتَّى تَصِيرَ التَّمْرَةُ مثل أُحد، كما جاء في الحديث الصحيح: «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا لِأَحَدِكُمْ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ مُهْرَهُ، حَتَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015