بن أبي) همَّ بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ورد أن نفرا من المنافقين هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في غزوة تبوك في بعض تلك الليالي في حال السير، وكانوا بضعة عشر رجلاً، قال الضحاك: ففيهم نزلت هذه الآية، روى الحافظ البيهقي في كتاب «دلائل النبوة» عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُودُ بِهِ، وَعَمَّارٌ يسوق الناقة، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَقَبَةِ، فَإِذَا أَنَا بِاثْنَيْ عشر راكباً قد اعترضوه فيها، قال: فانتهرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصرخ بهم، فولوا مُّدْبِرِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ عَرَفْتُمُ الْقَوْمَ؟» قُلْنَا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ، وَلَكُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الرِّكَّابَ، قَالَ: «هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَلْ تَدْرُونَ مَا أَرَادُوا؟» قُلْنَا: لَا، قال: «أرادوا أن يزاحموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة فليقوه منها»، قلنا يا رسول الله أفلا نبعث إِلَى عَشَائِرِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْكَ كُلُّ قَوْمٍ بِرَأْسِ صَاحِبِهِمْ؟ قَالَ: «لَا، أَكْرَهُ أَنْ تَتَحَدَّثَ العرب بينها أن محمداً قاتل، حتى إذا أظهره الله أقبل عليهم يقتلهم». وقوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِّن فَضْلِهِ} أَيْ وَمَا لِلرَّسُولِ عِنْدَهُمْ ذَنْبٌ إلاّ أن الله أغناهم ببركته ويمن سعادته، وَلَوْ تَمَّتْ عَلَيْهِمُ السَّعَادَةُ لَهَدَاهُمُ اللَّهُ لِمَا جاء به كما قال صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ: «أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي؟» كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا: قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تُقَالُ حَيْثُ لَا ذنب، كَقَوْلِهِ: {وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ} الآية، ثم دعاهم تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى التَّوْبَةِ فَقَالَ: {فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} أَيْ وَإِنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى طَرِيقِهِمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا: أَيْ بِالْقَتْلِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ، وَالْآخِرَةِ: أَيْ بِالْعَذَابِ وَالنَّكَالِ وَالْهَوَانِ وَالصَّغَارِ {وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} أَيْ وليس لهم أحد يسعدهم ولا ينجدهم، لا يحصِّلُ لَهُمْ خَيْرًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ شَرًّا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015