- 73 - وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ، قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ،
كَمَا قَالَ الحاكم عَنْ أُسَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ وَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا، ثُمَّ قَرَأَ: {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} "، وفي الصحيحين: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ -[122]- وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وفي المسند والسنن: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» (أخرجه أحمد وأصحاب السنن وقال الترمذي: حسن صحيح)، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ المشركين، لا يتراءى نارهما» (أخرجه ابن جرير مرسلاً ومتصلاً)، وروى أبو داود عن سمرة بن جندب: أما بعد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله». ومعنى قوله: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} أَيْ إِنْ لَمْ تُجَانِبُوا الْمُشْرِكِينَ وَتُوَالُوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس، وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل.