- 203 - وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يؤمنون
قال ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا} يَقُولُ: لَوْلَا تَلَقَّيْتَهَا وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى لولا أحدثتها فأنشأتها، وقال: لولا اقتضيتَّها، قالوا: تخرجها عن نفسك (وهو قول قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ)، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عباس {لَوْلاَ اجتبيتها} يقول: تلقيتها من الله تعالى: وَقَالَ الضَّحَّاكُ {لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا} يَقُولُ: لَوْلَا أَخَذْتَهَا أَنْتَ فَجِئْتَ بِهَا مِنَ السَّمَاءِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ} أَيْ مُعْجِزَةٍ وخارق، كقوله تَعَالَى: {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خاضعين}، يَقُولُونَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجْهِدُ نَفْسَكَ فِي طَلَبِ الْآيَاتِ مِنَ اللَّهِ حَتَّى نَرَاهَا وَنُؤْمِنَ بِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: {قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي} أَيْ أَنَا لَا أَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ تَعَالَى فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا أَمَرَنِي به فأمتثل ما يوحيه إلي، فإن بعثت آية قلتها، وَإِنَّ مَنَعَهَا لَمْ أَسْأَلْهُ ابْتِدَاءَ إِيَّاهَا، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لِي فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ، ثُمَّ أَرْشَدَهُمْ إِلَى أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ أَعْظَمُ الْمُعْجِزَاتِ وَأَبْيَنُ الدَّلَالَاتِ وَأَصْدَقُ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ، فَقَالَ: {هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.