وقال ابن عباس: الطوفان الغرق.

قال وهب بن منبه: أرسل الله عليهم الطوفان وهو الماء، فمطرت عليهم السماء ثمانية أيام ولياليهن، لا يرون فيها شمساً ولا قمراً، وفاض الماء حتى ارتفع، وامتلأت الأنهار والآبار والبيوت، فخافوا الغرق، فصرخ أهل مصر إلى فرعون بصيحة واحدة، إنا نخاف الغرق، وإنا قد هلكنا جوعاً، فأرسل فرعون إلى موسى يدعوه إليه، فأتاه، فقال له فرعون: أيها الساحر! " ادع لنا ربك بما عهد عندك " يعني عهد إليك بزعمك أنك رسوله إننا لمهتدون إنا لمبايعوك " لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل " قال موسى: لست أدعو لكم أبداً ما سميتموني ساحراً. فعند ذلك " قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك " فدعا موسى ربه، فكشف الله عنهم الطوفان، فأقلعت السماء، وابتلعت الأرض، فنبتت زروعهم وكلؤهم وخصبوا خصباً لم يروا مثله قط في أرض مصر، فلما أبصروا الخصب نكثوا العهد وكذبوا موسى وقالوا: لقد كان ماكنا نحذر من هذا الماء رحمة وخصباً، جادت زروعنا وأخصبت بلادنا، فنقضوا العهد وقالوا: يا موسى لن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل، فإنا كنا جزعنا من شيء كان خيراً لنا. فأوحى الله إلى موسى أن صل ركعتين، ثم أشر بعصاك نحو المشرق والمغرب. ففعل موسى، فأرسل الله عليهم الجراد من الأفقين أمثال الغمام المظلم الأسود، حتى امتلت أرضهم، وحال الجراد بينهم وبين السماء، حتى صارت الشمس كأنها في سحاب، فلحس الجراد ما أنبت الله من الزرع والكلأ، حتى لم يذر منه شيئاً، ثم توجهت نحو النخل والشجر، فجلعت تستقبل النخلة العظيمة فتأكلها، حتى تحفرها عن عروقها، ويستقبل بعضها الشجرة العظيمة المثمرة، فيقع بعضها في أعلاها وبعضها في أسفلها. فيأكلها حتى ما يرى فيها عود ولا ورقة، ويسمع لها قضم ثم تبتلعه كما يبتلع الجمل اللقمة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015