أعذبه؛ يا داود، اسمع مني والحق أقول: من لقيني وهو مستحي من معاصي أنسيت حفظته ذنوبه؛ يا داود، اسمع مني والحق أقول: لو أن عبداً من عبادي عمل حشو الدنيا ذنوباً، ثم ندم حلب شاة فاستغفرني مرةً واحدةً، فعلمت من قلبه أنه لا يريد أن يعود إليها ألقيتها عنه أسرع من هبط المطر إلى الأرض؛ يا داود، اسمع مني والحق أقول: لو أن عبداً من عبادي أتاني بحسنة واحدة حكمته في جنتي قال داود عليه السلام: إلهي، من أجل ذلك لا يحل لمن عرفك أن يقطع رجاءه منك يا داود، إنما يكفي أوليائي اليسير من العمل كما يكفي الطعام من الملح؛ هل تدري يا داود متى أتولاهم؟ إذا طهروا قلوبهم من الشرك، ونزعوا من قلوبهم الشك؛ علموا أن لي جنةً وناراً، وأنا أحيي وأميت، وأبعث من في القبور، ولم أتخذ صاحبةً ولا ولدا؛ فإن توفيتهم بيسير من العمل وهو يوقنون بذلك جعلته عظيماً. هل تدري يا داود من أسرع الناس مراً على الصراط؟ الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبةً من ذكري؛ هل تدري يا داود أي المؤمنين أحب إلي؟ الذي إذا قال لا إله إلا الله اقشعر جلده؛ إني أكره له الموت كما يكره الوالد لولده ولا بد له منه. أني أريد أن أسره في دار سوى هذه، فإن نعيمها فيها بلاء، ورخاءها فيها شدة؛ فيها عدو لا يألونهم فيها خبالاً. من أجل ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة، لولا ذلم ما مات آدم وولده حتى ينفخ في الصور. يا داود، ما تقول في نفسك؟ تقول قطعت عنهم عبادتهم، أما تعلم ما أثيب عبدي المؤمن على عثرة يعثرها؟ فكيف إذا ذاق الموت وهو من اعظم المصيبات، وهو بين أطباق التراب؛ إنما أحبسه طول ما أحبسه لأعظم له الأجر، وأجزي عمله أحسن ما كان يعمل إلى يوم القيامة؛ من أجل ذلك سميت نفسي أرحم الراحمين.
وعن ابن عباس قال: أوحى الله إلى داود: يا داود، قل للظلمة لا يذكروني، فإن حقاً علي أن من ذكرني أذكره، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم.
وعن وهب بن منبه وزيد بن رفيع، قال: رأى داود النبي صلى الله على نبينا وعليه وسلم منجلاً من نار يهوي من السماء إلى الأرض فقال: إلهي وسيدي؛ ما هذا؟ قال: هذه لعنتي أدخلها بيت كل ظلام.