مختصر المزني (صفحة 155)

الْبَصَرِ، وَمَنْ سَاوَرَهُ الدَّمُ حَتَّى تَغَيَّرَ عَقْلُهُ أَوْ الْمِرَارُ أَوْ الْبَلْغَمُ كَانَ مَخُوفًا فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهِ فَالِجٌ فَالْأَغْلَبُ إذَا تَطَاوَلَ بِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ، وَالسُّلُّ غَيْرُ مَخُوفٍ، وَالطَّاعُونُ مَخُوفٌ حَتَّى يَذْهَبَ، وَمَنْ أَنْفَدَتْهُ الْجِرَاحُ فَمَخُوفٌ فَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى مَقْتَلٍ، وَلَمْ تَكُنْ فِي مَوْضِعِ لَحْمٍ، وَلَمْ يَغْلِبْهُ لَهَا وَجَعٌ، وَلَا ضَرَبَانٌ، وَلَمْ يَأْتَكِلْ، وَيَرْمِ فَغَيْرُ مَخُوفٍ، وَإِذَا الْتَحَمَتْ الْحَرْبُ فَمَخُوفٌ فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِي مُشْرِكِينَ يَقْتُلُونَ الْأَسْرَى فَمَخُوفٌ.

(وَقَالَ) : فِي الْإِمْلَاءِ إذَا قَدِمَ مَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ غَيْرُ مَخُوفٍ مَا لَمْ يَجْرَحُوا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُتْرَكُوا فَيَحْيَوْا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) : الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ الْتِحَامِ الْحَرْبِ، وَمِنْ كُلِّ مَرَضٍ مَخُوفٍ.

(قَالَ) : وَإِذَا ضَرَبَ الْحَامِلَ الطَّلْقُ فَهُوَ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّلَفِ وَأَشَدُّ وَجَعًا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

[بَابُ الْأَوْصِيَاءِ]

ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَّا إلَى بَالِغٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ كَذَلِكَ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أُخْرِجَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ يَدِهِ وَضُمَّ إلَيْهِ إذَا كَانَ ضَعِيفًا أَمِينٌ مَعَهُ فَإِنْ أَوْصَى إلَى غَيْرِ ثِقَةٍ فَقَدْ أَخْطَأَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَغَيَّرَ أُبْدِلَ مَكَانُهُ آخَرَ فَإِنْ اخْتَلَفَا قُسِمَ بَيْنَهُمَا مَا كَانَ يَنْقَسِمُ وَجُعِلَ فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ وَأُمِرَا بِالِاحْتِفَاظِ بِمَا لَا يَنْقَسِمُ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ بِمَا أَوْصَى بِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَرْضَ الْمُوصَى إلَيْهِ الْآخَرَ.

(وَلَوْ قَالَ) : فَإِنْ حَدَثَ بِوَصِيٍّ حَدَثٌ فَقَدْ أَوْصَيْتُ إلَى مَنْ أَوْصَى إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِمَالِ غَيْرِهِ.

(وَقَالَ) : فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا قَالَ قَدْ أَوْصَيْت إلَيْك بِتَرِكَةِ فُلَانٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ هَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْكُوفِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَا وِلَايَةَ لِلْوَصِيِّ فِي إنْكَاحِ بَنَاتِ الْمَيِّتِ.

[مَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى]

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُخْرِجُ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَجِنَايَتِهِ، وَمَا لَا غَنَاءَ بِهِ عَنْهُ مِنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِذَا بَلَغَ الْحُلُمَ، وَلَمْ يَرْشُدْ زَوَّجَهُ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ، وَمِثْلُهُ يُخْدَمُ اشْتَرَى لَهُ، وَلَا يَجْمَعُ لَهُ امْرَأَتَيْنِ، وَلَا جَارِيَتَيْنِ لِلْوَطْءِ، وَإِنْ اتَّسَعَ مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضِيقَ فِي جَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ فَإِنْ أَكْثَرَ الطَّلَاقَ لَمْ يُزَوَّجْ وَسَرَّى وَالْعِتْقُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا آخِرُ مَا وَصَفْت مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ وَضَعَهُ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَمِعَهُ مِنْهُ وَسَمِعْته يَقُولُ لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ دَنَانِيرِي أُعْطِيَ دِينَارَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ دَنَانِيرِي أَعْطَوْهُ مَا شَاءُوا اثْنَيْنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015