118 - وأئمة الحَدِيث هم المعتبرون الْقدْوَة فِي فنهم فَوَجَبَ الرُّجُوع إِلَيْهِم فِي ذَلِك وَعرض آراء الْفُقَهَاء على السّنَن والْآثَار الصَّحِيحَة فَمَا ساعده الْأَثر فَهُوَ الْمُعْتَبر وَإِلَّا فَلَا نبطل الْخَبَر بِالرَّأْيِ وَلَا نضعفه إِن كَانَ على خلاف وُجُوه الضعْف من علل الحَدِيث الْمَعْرُوفَة عِنْد أَهله أَو بِإِجْمَاع الكافة على خِلَافه
119 - فقد يظْهر ضعف الحَدِيث وَقد يخفى وَأقرب مَا يُؤمر بِهِ فِي ذَلِك أَنَّك إِذا رَأَيْت حَدِيثا خَارِجا عَن دواوين الْإِسْلَام كالموطأ ومسند أَحْمد والصحيحين وَسنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَنَحْوهَا مِمَّا تقدم ذكره وَمِمَّا لم نذكرهُ فَانْظُر فِيهِ فَإِن كَانَ لَهُ نَظِير فِي الصِّحَاح والحسان قرب أمره وَإِن رَأَيْته يباين الْأُصُول وارتبت بِهِ فَتَأمل رجال إِسْنَاده وَاعْتبر أَحْوَالهم من الْكتب المصنفة فِي ذَلِك
120 - وأصعب الْأَحْوَال أَن يكون رجال الْإِسْنَاد كلهم ثِقَات وَيكون متن الحَدِيث مَوْضُوعا عَلَيْهِم أَو مقلوبا أَو قد جرى فِيهِ تَدْلِيس وَلَا يعرف هَذَا إِلَّا النقاد من عُلَمَاء الحَدِيث فَإِن كنت من أَهله فبه وَإِلَّا فاسأل عَنهُ أَهله
121 - قَالَ الْأَوْزَاعِيّ كُنَّا نسْمع الحَدِيث فنعرضه على أَصْحَابنَا كَمَا نعرض الدِّرْهَم الزيف فَمَا عرفُوا مِنْهُ أخذناه وَمَا أَنْكَرُوا تَرَكْنَاهُ
122 - فالتوصل إِلَى الِاجْتِهَاد بعد جمع السّنَن فِي الْكتب الْمُعْتَمدَة إِذا رزق الْإِنْسَان الْحِفْظ والفهم وَمَعْرِفَة اللِّسَان أسهل مِنْهُ قبل ذَلِك لَوْلَا قلَّة همم الْمُتَأَخِّرين وَعدم المعتبرين
وَمن أكبر أَسبَاب تعصبهم تقيدهم بِرِفْق الْوُقُوف وجمود أَكثر المتصدرين مِنْهُم على مَا هُوَ الْمَعْرُوف الَّذِي هُوَ مُنكر مألوف