وَأَيْضًا فَهَذِهِ الْقِصَّة قَضِيَّة فِي عين وَالْأَشْبَه أَنَّهَا كَانَت فِي أول زمن الْهِجْرَة فَإِن الْأَب كَانَ من الْأَنْصَار فَأسلم وَالأُم لم تسلم وَفِي آخر الْأَمر أسلم جَمِيع نسَاء الْأَنْصَار فَلم يكن فِيهِنَّ إِلَّا مسلمة حَتَّى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اغْفِر للْأَنْصَار ولأبناء الْأَنْصَار ولنساء الْأَنْصَار

وَلما قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة لم يكره أحدا على الْإِسْلَام وَلَا ضرب الْجِزْيَة على أحد وَلَكِن هادن الْيَهُود مهادنة وَأما الْأَنْصَار فَفَشَا فيهم الْإِسْلَام وَكَانَ فيهم من لم يسلم بل كَانَ مظْهرا لكفره فَلم يَكُونُوا ملتزمين لحكم الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ كَانَ عبد الله بن أبي ابْن سلول وَغَيره قبل أَن يظهروا الْإِسْلَام

وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أُسَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب يعود سعد بن عبَادَة فَمر بِمَجْلِس من الْأَنْصَار الحَدِيث

فَفِي هَذَا الحَدِيث وَغَيره من الْأَحَادِيث مَا يبين أَنهم كَانُوا قبل غَزْوَة بدر متظاهرين بالْكفْر من غير إِسْلَام وَلَا ذمَّة فَلم يكن الْكفَّار ملتزمين لحكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا الْتِزَام حكمه إِنَّمَا يكون بِالْإِسْلَامِ أَو بالعهد الَّذِي التزموا فِيهِ ذَلِك وَلم يكن الْمُشْركُونَ كَذَلِك فَلهَذَا لم يلْزم الْمَرْأَة بِحكم الْإِسْلَام بل دَعَا الله أَن يهدي الصَّغِير فَاسْتَجَاب الله ودعاؤه لَهُ أَن يهديه دَلِيل على أَنه كَانَ طَالبا مرِيدا لهذاه وَهَذِه أَن يكون عِنْد الْمُسلم لَا عِنْد الْكَافِر لَكِن لم يُمكنهُ ذَلِك بالحكم الظَّاهِر لعدم دُخُول الْكَافِرَة تَحت حكمه فَطَلَبه بدعائه المقبول

وَهَذَا يدل على أَنه مَتى أمكن أَن يَجْعَل مَعَ الْمُسلم لَا يَجْعَل مَعَ الْكَافِر

وَكَانَ هَذَا حكم الله وَرَسُوله بِأَهْل الذِّمَّة الملتزمون جَرَيَان حكم الله وَرَسُوله عَلَيْهِم يحكم بَينهم بذلك نعم لَو كَانَ النزاع بَين من هُوَ مُسلم وَمن هُوَ من أهل الْحَرْب والهدنة الَّذين لم يلتزموا جَرَيَان حكم الله وَرَسُوله عَلَيْهِم فَهُنَا لَا يُمكن الحكم فيهم بِحكم الْإِسْلَام بِدُونِ رضاهم فيسعى حِينَئِذٍ فِي تَغْلِيب الْإِسْلَام بِالدُّعَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015