لَكِن الشَّأْن فِي الأَصْل الَّذِي قَاس عَلَيْهِ وَفِي عِلّة الحكم فِي الأَصْل وَهُوَ جَوَاب سُؤال للطالبة فَمن أحكم هَذَا الأَصْل استقام قِيَاسه وَهَذَا كَمَا أَن زفر اعْتقد أَن النِّكَاح إِلَى أجل يبطل التَّوْقِيت وَيصِح النِّكَاح لَازِما وَخرج بَعضهم ذَلِك قولا فِي مَذْهَب أَحْمد فَكَانَ مَضْمُون هَذَا القَوْل أَن نِكَاح الْمُتْعَة يصبح لَازِما غير مُؤَقّت وَهُوَ خلاف الْمَنْصُوص وَخلاف إِجْمَاع السّلف وَالْأمة إِذا اخْتلفت فِي مَسْأَلَة على القَوْل لم يكن لمن بعدهمْ إِحْدَاث قَول يُنَاقض الْقَوْلَيْنِ ويتضمن إِجْمَاع السّلف على الْخَطَأ والعدول عَن الصَّوَاب وَلَيْسَ فِي السّلف من يَقُول فِي الْمُتْعَة إِلَّا أَنه بَاطِل أَو يَصح مُؤَجّلا فَالْقَوْل بلزومه مُطلقًا خلاف الْإِجْمَاع
وَسبب هَذَا القَوْل اعْتِقَادهم أَن كل شَرط فَاسد فِي النِّكَاح فَإِنَّهُ يبطل وَينْعَقد النِّكَاح لَازِما بِدُونِ حُصُول غَرَض الْمُشْتَرك فألزموه مالم يلتزمه وَلَا ألزمهُ بِهِ الشَّرْع وَلِهَذَا صحّح من قَالَ ذَلِك نكا الشّغَار وَنَحْوه مِمَّا شَرط فِي نفي الْمهْر وصححوا نِكَاح التَّحْلِيل لَازِما مَعَ إبِْطَال شَرط التَّحْلِيل وأمثال ذَلِك
وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عقبَة بن عَامر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن أَحَق الشُّرُوط أَن توفوا بِهِ مَا استحللتم بِهِ الْفروج
فَدلَّ النَّص على أَن الْوَفَاء بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاح أولى مِنْهُ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي البيع فَإِذا كَانَت الشُّرُوط الْفَاسِدَة فِي البيع لَا يلْزم العقد بِدُونِهَا بل إِمَّا أَن يبطل العقد وَأما إِن يثبت الْخِيَار لمن فَاتَ غَرَضه بالاشتراط إِذا بَطل شَرط فَكيف بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاح
وأصل عمدتهم كَون النِّكَاح يَصح بِدُونِ تَقْدِير الصَدَاق كَمَا ثَبت بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع فقاسوا النِّكَاح الَّذِي شَرط فِيهِ نفي الْمهْر على النِّكَاح الَّذِي ترك تَقْدِير الصَدَاق فِيهِ كَمَا فعل أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأكْثر