وَلَو كَانَ اشهود أَكثر من نِصَاب الشَّهَادَة وَطلب أحدهم وَجب عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا فِي أصح قولي الْعلمَاء وَأما إِذا كَانَ الْمَطْلُوب لَا يتم النّصاب إِلَّا بِهِ فقد تعيّنت عَلَيْهِ إِجْمَاعًا إِلَّا أَن تكون الشَّهَادَة يجوز أَو كذب وَنَحْوه فَلَا يجوز أَن يعان الظَّالِم على ذَلِك لَا بِشَهَادَة وَلَا غَيرهَا
وَمن قصد خُرُوج الرّيح مِنْهُ ليضحك الْجَمَاعَة فَإِنَّهُ يُعَزّر على ذَلِك وَترد شَهَادَته فقد ذكر الْعلمَاء أَن هَذَا من عمل قوم لوط وَمن لَا يستحي من النَّاس لَا يستحي من الله وَقد قَالَ طَائِفَة فِي قَوْله تَعَالَى {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} أَنهم كَانُوا يتضارطون فِي مجَالِسهمْ وينصبون مزالق يزلق بهَا الْمَارَّة وَنَحْو ذَلِك وَالله أعلم
إِن الَّذِي يحدث ليضحك النَّاس ويل لَهُ ثمَّ ويل لَهُ والمصر على ذَلِك فَاسق مسلوب الْولَايَة مَرْدُود الشَّهَادَة
وَمَا كَانَ مُبَاحا فِي غير حَال الْقِرَاءَة مثل المزاح الَّذِي جَاءَت بِهِ الْآثَار وَهُوَ أَن يمزح وَلَا يَقُول إِلَّا صدقا لَا يكون فِي مزاحه كذب وَلَا عدوان فَهَذَا لَا يفعل فِي حَال قِرَاءَة الْقُرْآن بل ينزه عَنهُ مجْلِس الْقُرْآن فَلَيْسَ كل مَا يُبَاح فِي حَال غير الْقِرَاءَة يُبَاح فِيهَا كَمَا أَنه لَيْسَ كل مَا يُبَاح خَارج الصَّلَاة يُبَاح فِيهَا لَا سِيمَا مَا يشغل القارىء والمستمع عَن التدبر والفهم مثل كَونه يخايل ويضحك فَكيف واللغو والضحك حَال الْقِرَاءَة من أَعمال الْمُشْركين كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَا تسمعوا لهَذَا الْقُرْآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تغلبون} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذا علم من آيَاتنَا شَيْئا اتخذها هزوا} وَقَالَ {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ وَأَنْتُم سامدون}
وَوصف الْمُؤمنِينَ بِأَنَّهُم يَبْكُونَ ويخشعون حَال الْقِرَاءَة