للْمصْلحَة وَجعلهَا غير مَسْجِد كَمَا فعل عمر بن الْخطاب بِمَسْجِد الْكُوفَة لما بدله وَجعله حوانيت للتمارين وَهَذَا مَذْهَب إِمَام الْأَئِمَّة أَحْمد وَغَيره
وَكَانَ قد فتح الْمُسلمُونَ قبرص فتحهَا مُعَاوِيَة فِي خلَافَة عُثْمَان فَكَانَت هَذِه الْأَمَاكِن من السواحل الشامية ثغورا ثمَّ فِي أثْنَاء الْمِائَة الرَّابِعَة حِين تغلب الرافضة والمنافقون على الْخلَافَة وَصَارَ لَهُم دولة بِمصْر وَالشَّام تغلبت النَّصَارَى على عَامَّة السواحل وَأكْثر بِلَاد الشَّام وقهروا الروافض وَالْمُنَافِقِينَ وَغَيرهم إِلَى أَن يسر الله لَهُم بِولَايَة مُلُوك السّنة مثل نور الدّين وَصَلَاح الدّين فاستنفذوا عَامَّة الشَّام من النَّصَارَى وَبقيت بقايا الروافض وَالْمُنَافِقِينَ فِي جبل لبنان وَغَيره وَلَيْسَ لَهُ فَضِيلَة وَلَا يشرع السّفر اليه سفر قربَة بل وَلَا يجوز الْمقَام بَين النَّصَارَى وَالرَّوَافِض إِذا منعُوا الْمُسلم عَن إِظْهَار دينه وَقد صَار طَائِفَة من الَّذين يؤثرون الْخلْوَة يحبونَ هَذِه الْأَمَاكِن ويظنون أَن فضيلتها لأجل مَا فِيهَا من الْخلْوَة ويقصدونها لأجل ذَلِك وَهَذَا غلط وَخطأ فَإِن سُكْنى الْجبَال والغيران والبوادي غير مَشْرُوطَة للْمُسلمين إِلَّا عِنْد الْفِتْنَة تكون فِي الْأَمْصَار أَو غَيرهَا من الْأَمَاكِن الَّتِي تخرج الرجل لي ترك دينه فيهاجر الْمُسلم من أَرض يعجز فِيهَا عَن إِقَامَة دينه إِلَى أَرض يُمكنهُ فِيهَا إِقَامَة دينه وَرُبمَا كَانَ فِي جبل لبنان فِي بعض الْأَوْقَات من الزهاد والنساك من هُوَ إِمَّا ظَالِم لنَفسِهِ وَإِمَّا مقتصد مخطىء مغْفُور لَهُ وَأما السَّابِقُونَ فهم لذين يَتَقَرَّبُون بالنوافل بعد الْفَرَائِض على هدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَي بقْعَة كَانُوا
وَلَا خلاف أَن جنس فضل سَاكِني الْجبَال والبوادي كفضيلة الْقَرَوِي على البدوي وَالْمُهَاجِر على الْأَعرَابِي قَالَ الله تَعَالَى {الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقا وأجدر أَلا يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله على رَسُوله} وَفِي الحَدِيث إِن من الْكَبَائِر أَن يرْتَد الرجل أَعْرَابِيًا بعد الْهِجْرَة هَذَا فِيمَن هـ وَسَاكن فِي الْبَادِيَة بَين الْجَمَاعَة فَكيف بالمقيم وَحده دَائِما فِي جبل أَو بادية فَإِنَّهُ يفوتهُ من مصَالح دينه نَظِير