أصل عقد النّذر مَكْرُوه لما فِي الصَّحِيح عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن النّذر لَا يَأْتِي بِخَير وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل لَكِن إِن نذر طَاعَة الله لزمَه الْوَفَاء بِهِ وَمن نذر أَن يعْصى الله فا يَعْصِهِ فقد ثَبت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ وَمن نذر للقبور زيتا أَو شمعا وَنَحْوه فقد جعله الْعلمَاء من قسم الْمعْصِيَة الَّذِي لَا يجوز الْوَفَاء بِهِ فَفِي السّنَن أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعن الله زوارات الْقُبُور والمتخذين عَلَيْهَا السرج والمساجد رَوَاهُ أهل اسنن وَابْن جبان فِي صَحِيحه وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَكَذَلِكَ لَو نذر لبيت شيخ أَو شَجَرَة زيتا أَو خلوقا أَو نَحْو ذَلِك فَلَا يجوز بِلَا نزاع بل هَذَا من جنس عبَادَة الْأَوْثَان وَقد بلغ عمر رَضِي الله عَنهُ أَن قوما يأْتونَ الشَّجَرَة الَّتِي بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحتهَا بيعَة الرضْوَان يَوْم الْحُدَيْبِيَة فقطعها وَقد كَانَ للمشركون شَجَرَة يعلقون عَلَيْهَا أسلحتهم يسمونها ذَات أنواط فَقَالَ الْمُسلمُونَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْعَل لنا ذَات أنواط فَقَالَ الله أكبر قُلْتُمْ كَمَا قَالَ قوم مُوسَى {اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} ثمَّ قَالَ لتركبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ الحَدِيث فَلَا يجوز أَن يتَّخذ شَيْء من الْقُبُور والْآثَار وَالْأَشْجَار والأحجار وَنَحْوهَا بِحَيْثُ يُرْجَى نَفعه وبركته بِالنذرِ لَهُ والتمسح بِهِ أَو تَعْلِيق شَيْء عَلَيْهِ أَو تخليقه بل كَانَ هَذَا من جنس الشّرك وَأما نذر الزَّيْت وَنَحْوه لِلْمَسْجِدِ لإضاءته فَهُوَ من الْبر على أَن لَا يكون مَبْنِيا على قبر
وَأما الْوَقْف على قُبُور الْأَنْبِيَاء فَإِن كَانَ وَقفا على بِنَاء الْمَسَاجِد عَلَيْهَا وَإِيقَاد المصابيح فقد تقدم حكمه وَأَنه مَعْصِيّة لَا يحل الْوَفَاء بِهِ وَأَنه من عمل الْمُشْركين
وَالَّذين يَقُولُونَ إِن من الْعلمَاء من وقف على مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيدُونَ بذلك أَنه وقف على قبر فَهُوَ خطأ مِنْهُم فِي فهم الْعبارَة فَإِن هَذَا إِنَّمَا