فَإِن مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَرِوَايَة عَن أبي حنيفَة أَنه تجزئة كَفَّارَة يَمِين أفتى بذلك الصَّحَابَة والتابعون مثل عمر وَحَفْصَة وَزَيْنَب ربيبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتسَمى هَذِه مَسْأَلَة نذر اللجاج وَالْغَضَب فَإِذا قَالَ إِن فعلت كَذَا فأمرأتي حرَام أَو مَالِي حرَام فقد حرم على نَفسه مالم يحرم الله عَلَيْهِ ليمتنع من ذَلِك الْعَمَل كَمَا أَنه فِي النّذر أوجب على نَفسه مالم يُوجِبهُ الله تَعَالَى عَلَيْهِ ليتمنع من ذَلِك الْعَمَل والإيجاب وَالتَّحْرِيم إِلَى الشَّارِع لَا إِلَى العَبْد وَهُوَ لم يقْصد إِيجَابا وَلَا تَحْرِيمًا إِنَّمَا قصد منع نَفسه من ذَلِك الْفِعْل وَالله قد جعل عَلَيْهِ الْكَفَّارَة إِذا حنث لقَوْله تَعَالَى {ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم} فشرع الْكَفَّارَة لإِزَالَة الآصار والأغلال عَن هَذِه الْأمة بِخِلَاف من قبلهَا فَإِنَّهُم كَانَ يلْزمهُم الْوَفَاء والتزام الْمَحْلُوف عَلَيْهِ
وَمن حلف على ابْن أُخْت زَوجته أَن لَا يعْمل عِنْد إِنْسَان لكَونه يَظْلمه ثمَّ بلغ وَخرج عَن أمره واستقل بِنَفسِهِ وَأجر نَفسه لذَلِك الرجل لم يَحْنَث ذَلِك الْحَالِف
وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَلمته فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَإِذا سلف على زَوجته بِالطَّلَاق أَنَّهَا لَا تخرج إِلَّا إِلَى الْحمام فَخرجت إِلَى بَيت أهل الزَّوْج وَقَالَت لم أَظن أَنَّك أردْت منعى من أهلك فَعرف صدقهَا فِي ذَلِك لم يَقع بِهِ طَلَاق وَإِن عرف كذبهَا لم يقبل قَوْلهَا وَإِن شكّ فِي صدقهَا وكذبها لم يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق فَإِن النِّكَاح ثَابت بِيَقِين فَلَا يَزُول بِالشَّكِّ
وَإِذا حلف على أُخْت زَوجته لَا تدخل بَيته لَا بِإِذْنِهِ فَدخلت بِغَيْر إِذْنه وَلم تكن علمت بِالْيَمِينِ ثمَّ علمت فاعتقدت أَن الْيَمين انْحَلَّت بِالْحِنْثِ وَأَنه لم يبْق عَلَيْهَا يَمِين فاستمرت على الدُّخُول فَلَا حنث على الخالف لِأَن الدُّخُول الأول لم تكن عَالِمَة بِالْيَمِينِ وَبعد ذَلِك اعتقدت أَنَّهَا انْحَلَّت وَأَنه لم يبْق عَلَيْهِ يَمِين