وانكشفت وَظَهَرت وَعرف أَن الصَّوَاب أَن يعرف مُرَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَقْوَاله وَحكمه وَعلله الَّتِي علق بهَا الإحكام فَإِن الْغَلَط إِنَّمَا ينشأ من عدم الْمعرفَة بمراده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

والمخاطرة مُشْتَركَة بَين كل من المتسابقين فان كلأ يَرْجُو أَن يغلب الآخر وَيخَاف أَن يغلبه فَكَانَ ذَلِك عدلا وإنصافا بَينهمَا كَمَا تقدم

وَكَذَلِكَ كل من الْمُتَبَايعين لسلعة فَإِن كلا يَرْجُو أَن يربح فِيهَا وَيخَاف أَن يخسر فَمثل هَذِه المخاطرة جَائِزَة بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع والتاجر مخاطر وَكَذَلِكَ الْأَجِير المجعول لَهُ جعل على رد آبق وعَلى بِنَاء حَائِط فَإِنَّهُ قد يحْتَاج إِلَى بذل مَال فَيكون مترددا بَين أَن يعرم أَو يغنم وَمَعَ هَذَا فَهُوَ جَائِز والمخاطرة إِذا كَانَت من الْجَانِبَيْنِ أقرب إِلَى الْعدْل والإنصاف مثل الْمُضَاربَة وَالْمُسَاقَاة والمزارعة فَإِن أَحدهمَا مخاطر قد يحصل لَهُ ربح وَقد لَا يحصل

وَمَا علمت أَن أحدا من الصَّحَابَة شَرط فِي السباق محللا وَلَا حُرْمَة إِذا كَانَ كل مِنْهُمَا يخرج وَإِنَّمَا علمت الْمَنْع فِي ذَلِك عَن بعض التَّابِعين وَقد روينَا عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح أَنه رَاهن رجلَانِ فِي سباق الْخَيل وَلم يكن بَينهمَا مُحَلل وَثَبت فِي الْمسند وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا أَنه لما اقتلت فَارس وَالروم فَغلبَتْ فَارس الرّوم وَبلغ ذَلِك أهل مَكَّة وَكَانَ ذَلِك فِي أول الْإِسْلَام ففرح بذلك الْمُشْركُونَ لِأَن الْمَجُوس أقرب إِلَيْهِم من أهل الْكتاب وساء ذَلِك الْمُسلمين لِأَن أهل الْكتاب أقرب إِلَيْهِم من الْمَجُوس فَأخْبر أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} فَخرج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فراهن الْمُشْركين على أَنه إِن غلبت الرّوم فِي بضع سِنِين أَخذ الرِّهَان وَإِن لم تغلب الرّوم أخذُوا الرِّهَان وَهَذِه الْمُرَاهنَة هِيَ مثل الْمُرَاهنَة فِي سباق الْخَيل وَالرَّمْي بالنشاب وَكَانَت جَائِزَة لِأَنَّهَا مصلحَة للاسلام لِأَن فِيهَا مصلحَة بَيَان صدق الرَّسُول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015