الْمقَام بثغور الْمُسلمين كالثغور الشامية والمصرية أفضل من الْمُجَاورَة فِي الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة لَا أعلم فِي هَذَا نزاعا بَين الْعلمَاء نَص عَلَيْهِ غير وَاحِد وَذَلِكَ لِأَن الرِّبَاط من جنس الْجِهَاد والمجاورة غايتها أَن تكون من جنس الْحَج وَقد قَالَ تَعَالَى {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام كمن آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وجاهد فِي سَبِيل الله لَا يستوون عِنْد الله} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ إِيمَان بِاللَّه وَرَسُوله قيل ثمَّ أَي قَالَ ثمَّ جِهَاد فِي سبييل الله قيل ثمَّ أَي قَالَ ثمَّ حج مبرور وَقَالَ رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله خير من ألف يَوْم فِيمَا سواهُ
وَمن عجز عَن إِقَامَة دينه بماردين أَو غَيرهَا من الْبِلَاد وَجب عَلَيْهِ الْهِجْرَة وَإِلَّا اسْتحبَّ ومساعدة الْمُسلمين لأعداء الله وَرَسُوله مُحرمَة عَلَيْهِم
وَمن كَانَ للْمُسلمين بِهِ مَنْفَعَة من الْجند وَنَحْوهم لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يتْرك الْخدمَة إِلَّا لمصْلحَة راجحة للْمُسلمين بل كَونه مقدما فِي الْجِهَاد الَّذِي يُحِبهُ الله وَرَسُوله هُوَ أفضل من التَّطَوُّع بالعبادات كَصَلَاة التَّطَوُّع وَالْحج التَّطَوُّع وَالصَّوْم التَّطَوُّع
وَإِذا سباه مُسلم فَهُوَ مُسلم إِذا كَانَ المسبي طفْلا وَإِن لم يعلم حَال السابي بل أمكن أَن يكون كَافِرًا أَو نقم حجَّة بِأَحَدِهِمَا لم يحكم بِإِسْلَامِهِ
وَيجوز بل يجب قتال هَؤُلَاءِ التتار الَّذين يقدمُونَ إِلَى الشَّام مرّة بعد مرّة وَإِن تكلمُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ وانتسبوا إِلَى الْإِسْلَام وَجب قِتَالهمْ بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واتفاق أَئِمَّة الْمُسلمين وَهَذَا مبْنى على أصلين
أَحدهمَا الْمعرفَة بحالهم وَالثَّانِي معرفَة حكم الله فيهم وَفِي أمثالهم
أما الأول فَكل من بَاشر الْقَوْم يعلم حَالهم وَهُوَ متواتر بأخبار