كَبِيرَة فَإِنَّهُ يُوجب أَلا تكون الذُّنُوب فِي نَفسهَا تَنْقَسِم إِلَى كابذر وصغاذر وَهَذَا خلاف الْقُرْآن
وَمن قَالَ هِيَ سَبْعَة عشر فَهُوَ قَول بِلَا دَلِيل
وَمن قَالَ إِنَّهَا مُبْهمَة أَو غير مَعْلُومَة فَإِنَّمَا أخبر عَن نَفسه أَنه لَا يعلمهَا
وَمن قَالَ أَنَّهَا مَا توعد عَلَيْهِ بالنَّار فقد يُقَال فِيهِ تَقْصِير إِذْ الْوَعيد قد يكون بالنَّار وَقد يكون بغَيْرهَا وَقد يُقَال أَن كل وَعِيد فَلَا بُد أَن يسْتَلْزم الْوَعيد بالنَّار
وَأما من قَالَ إِن كل ذَنْب فِيهِ وَعِيد فَهَذَا ينْدَرج فِيمَا ذكره السّلف فان كل ذَنْب فِيهِ حد فِي الدِّينَا فِيهِ وَعِيد من غير عكس فَإِن الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر وَقذف الْمُحْصنَات وَنَحْوهَا فِيهِ الْوَعيد فَمن قَالَ إِن الْكَبِيرَة مَا فِيهَا وَعِيد فقد وَافق مَا ذَكرُوهُ
وَمن تَابَ من الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر قبل أَن يرفع إِلَى الإِمَام فَالصَّحِيح أَن الْحَد يسْقط عَنهُ كَمَا يسْقط عَن الحاربين إِجْمَاعًا إِذا تَابُوا قبل الْقُدْرَة عَلَيْهِم
وَمن يخَاف من إفساده يفعل بِهِ الإِمَام مَا يرى فِيهِ الْمصلحَة من نَفْيه أَو حَبسه كالقوادة الَّتِي لَا تتوب أَو ينقلها عَن الْحَرَائِر أَو غير ذَلِك مِمَّا يرَاهُ
وَقد كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يَأْمر الأعزب أَن يسكن بَين المتأهلين وَكَذَلِكَ فعل الْمُهَاجِرُونَ لما قدمُوا الْمَدِينَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفى المخنثين وَأمر بنفيهم من الْبيُوت خشيَة إفسادهم للنِّسَاء فالقوادة شَرّ من هَؤُلَاءِ
وكل من تَابَ من ذَنْب فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ فَإِذا عمل عملا صَالحا سنة من الزَّمَان وَلم ينْقض التَّوْبَة فَإِنَّهُ يقبل مِنْهُ ذَلِك ويجالس ويكلم
وَأما إِذا تَابَ وَلم يمض عَلَيْهِ سنة فللعلماء فِيهِ قَولَانِ مِنْهُم من يَقُول يُجَالس وَتقبل شَهَادَته فِي الْحَال وَمِنْهُم من يُقَال لَا بُد من سنة كَمَا فعل عمر رَضِي الله عَنهُ ببصيغ بن عسل وَهَذِه من مسَائِل الِاجْتِهَاد على حسب الْحَال والقرائن الدَّالَّة على صدق التَّوْبَة من عدمهَا