معنى قَول الْقَائِل كل ذَنْب ختم بلعنة أَو غضب أَو نَار فَهُوَ من الْكَبَائِر وَمعنى قَوْلهم لَيْسَ فِيهَا حد فِي الدُّنْيَا وَلَا وَعِيد فِي الْآخِرَة أى وَعِيد خَاص كالوعيد بالنَّار وَالْغَضَب واللعنة

وَذَلِكَ أَن الْوَعيد الْخَاص فِي الْآخِرَة كالعقوبة الْخَاصَّة فِي الدُّنْيَا فَكَمَا أَنه يفرق فِي الْعُقُوبَات الْمَشْرُوعَة للنَّاس بَين الْعُقُوبَات الْمقدرَة بِالْقطعِ وَالْقَتْل وَجلد مائَة أَو ثَمَانِينَ وَبَين الْعُقُوبَات الَّتِي لَيست بمقدرة وَهِي التَّعْزِير فَكَذَلِك يفرق فِي الْعُقُوبَات الَّتِي يجزى الله بهَا الْعباد وَفِي غير أَمر الْعباد بهَا بَين الْعُقُوبَات الْمقدرَة كالغضب واللعنة وَالنَّار وَنَفس الْعُقُوبَات الْمُطلقَة

وَهَذَا الضَّابِط يسلم من القوادح الْوَارِدَة عَليّ غَيره فَإِنَّهُ يدْخل فِيهِ كل مَا ثَبت بِالنَّصِّ أَنه كَبِيرَة كالشرك وَالْقَتْل وَالزِّنَا وَالسحر وَقذف الْمُحْصنَات وَغير ذَلِك من الْكَبَائِر الَّتِي فِيهَا عقوبات مقدرَة مَشْرُوعَة وكالفرار من الزَّحْف وَأكل مَال الْيَتِيم وَأكل الرِّبَا وعقوق الْوَالِدين وَالْيَمِين الْغمُوس وشاهداة الزُّور فَإِن هَذِه الذُّنُوب وأمثالها فِيهَا وَعِيد خَاص وَكَذَلِكَ كل ذَنْب توعد صَاحبه بِأَنَّهُ لَا يدْخل الْجنَّة أَو لَا يشم رائحها أَو قيل فِيهِ من فعله فَلَيْسَ منا لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد مَا تَقوله المرجئة أَنه لَيْسَ من خيارنا وَلَا مَا يَقُوله الْخَوَارِج أَنه صَار كَافِرًا وَلَا مايقوله الْمُعْتَزلَة من أَنه لم يبْق مَعَه من الايمان شئ بل هُوَ مُسْتَحقّ للخلود فِي النَّار فَهَذِهِ كلهَا أَقْوَال بَاطِلَة

وَلَكِن الْمُؤمن الْمُطلق فِي بَاب الْوَعْد والوعيد وَهُوَ الْمُسْتَحق لدُخُول الْجنَّة بِلَا عِقَاب فَهُوَ الْمُؤَدى للفرائض المجتنب للمحارم وَهَؤُلَاء هم الْمُؤْمِنُونَ عِنْد الْإِطْلَاق فَمن فعل هَذِه الكباذر لم يكن من هَؤُلَاءِ الْمُؤمنِينَ إِذْ هُوَ متعرض للعقوبة على تِلْكَ الْكَبِيرَة فنفى الْإِيمَان أَو دُخُول الْجنَّة أَو كَونه لَيْسَ من الْمُؤمنِينَ لَا يكون إِلَّا عَن كَبِيرَة فَأَما الصَّغَائِر فَلَا تنفى هَذَا الِاسْم وَلَا يحكم على صَاحبهَا بمجردها فَيعرف أَن النَّفْي لَا يكون لترك مُسْتَحبّ وَلَا لفعل صَغِيرَة بل لترك وَاجِب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015