لَيْسَ للْوَاهِب أَن يرجع فِي هِبته غير الْوَالِد لوَلَده إِلَّا أَن تكون الْهِبَة على جِهَة الْمُعَاوضَة لفظا أَو عرفا فَإِذا كَانَت لأجل عوض وَلم يحصل فللواهب الرُّجُوع فِيهَا إِذا كَانَت بَاقِيَة وَإِلَّا فعوضها
وَإِذا لم يكن ضَرَر على الْأَوْلَاد فلأبيهم أَن يَأْخُذ من مَالهم مَا يشترى بِهِ أمه يَطَؤُهَا وتخدمه وَمذهب مَالك وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ أَن البيع وَالْهِبَة وَالْإِجَارَة تثبت بالمعاطاة وَبِمَا بعده النَّاس بيعا أَو هبة أَو إِجَارَة وَمذهب الشَّافِعِي اعْتِبَار الصِّيغَة إِلَّا فِي مَوَاضِع مُسْتَثْنَاة وَلَيْسَ لذَلِك صِيغَة محددة فِي الشَّرْع بل الْمرجع فِي الصِّيغَة الْمقيدَة لذَلِك إِلَى عرف الْخطاب وَهَذَا مهذب الْجُمْهُور وَكَذَلِكَ صححوا الْهِبَة بِمثل قَوْله أعمرتك وأطعمتك وحملتك على هَذَا الدَّابَّة وَنَحْوه مِمَّا يفهم مِنْهُ أهل الْخطاب الْهِبَة
وتجهيز الْمَرْأَة بجهازها إِلَى بَيت زَوجهَا تمْلِيك لجهازها كَمَا أفتى بِهِ أَصْحَاب أبي حنيفَة وَأحمد وَغَيرهمَا
وعادات النَّاس إِذا اشْترى الرجل أمة وَقَالَ لِابْنِهِ خُذْهَا لَك استمتع بهَا وَنَحْو ذَلِك كَانَ ذَلِك تَمْلِيكًا فَإِذا أذن لِابْنِهِ فِي الْوَطْء مَعَ علمه أَن الْوَطْء لَا يكون إِلَّا فِي ملك فَلَا يكون مَقْصُوده إِلَّا تمليكها وَكَانَ وَطْؤُهُ فِي ملكه فَإِذا حصل الْإِذْن بقول أَو بِفعل ثَبت التَّمْلِيك على قَول الْجُمْهُور وَهُوَ أصح وَولده حر لَا حق النّسَب بِهِ وَالْأمة أم وَلَده لَا تبَاع وَأما إِن قدر أَن الْأَب لم يصدر مِنْهُ تمْلِيك بِحَال واعتقد الابْن أَنه قد ملكهَا كَانَ أَيْضا حرا وَنسبه لاحقا وَلَا حد عَلَيْهِ وان اعْتقد الابْن أَنه لم يملكهَا وَلَكِن وَطئهَا بِالْإِذْنِ فَهَذِهِ تبنى على الأَصْل الثَّانِي فَإِن الْعلمَاء فِيمَن وطىء