وَأما الرجل الْكَبِير وَالْمَرْأَة الْكَبِيرَة فَلَا يحرم أَحدهمَا على الآخر برضاع القرائب مثل أَن ترتضع زَوجته لِأَخِيهِ من النّسَب فَلَا تحرم عَلَيْهِ زَوجته لما تقدم من أَنه يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج بِالَّتِي هِيَ أُخْت من الرضَاعَة لِأَخِيهِ من النّسَب إِذْ لَيْسَ بَينه وَبَينهَا صلَة نسب وَلَا رضَاع وَإِنَّمَا حرمت على أَخِيه لِأَنَّهَا أمة من الرضَاعَة وَلَيْسَت أم نَفسه من الرَّضَاع وَأم المرتضع من الرَّضَاع لَا تكون أما لأخوته من النّسَب لِأَنَّهَا إِنَّمَا أرضعت الرَّضِيع وَلم ترْضع غَيره
نعم لَو كَانَ للرجل نسْوَة يطؤهن وأرضعت كل وَاحِدَة لَهَا طفْلا وَلِهَذَا طفْلا لم يجز أَن يتَزَوَّج أَحدهمَا الآخر وَلِهَذَا لما سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن ذَلِك قَالَ اللقَاح وَاحِد
وَلَو كَانَ أَخُوهُ من النّسَب ابْن زَوجته حرمت عَلَيْهِ زَوجته لِأَنَّهَا أم أمه وَأم امْرَأَة أَبِيه وَكِلَاهُمَا حرَام
وَأما أم أَخِيه من الرضَاعَة فَلَيْسَتْ أمه وَلَا امْرَأَة أَبِيه لِأَن زَوجهَا صَاحب اللَّبن لَيْسَ أَبَا لهَذَا لَا صلَة بَينهمَا نسبا وَلَا رضَاعًا
فَإِذا قَالَ قَائِل إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب وَأم أُخْته من النّسَب حرَام عَلَيْهِ فَكَذَا ابْن الرَّضَاع
قلت هَذَا تلبيس وتدليس فَإِنَّهُ تَعَالَى لم يقل حرمت أخواتكم وَإِنَّمَا قَالَ {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} وَقَالَ {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم} فَحرم أمه ومنكوحة أَبِيه وَإِن لم يكن أمه وَهَذِه تحرم من الرضَاعَة فَلَا يتَزَوَّج أمه من الرضَاعَة وَأما مَنْكُوحَة أَبِيه من الرضَاعَة فَالْمَشْهُور عِنْد الْأَئِمَّة أَنَّهَا تحرم لَكِن فِيهَا نزاع لكَونهَا من الْمُحرمَات بالصهر لَا بِالنّسَبِ لَا والولادة وَفينَا بِعُمُوم الحَدِيث وَأما أم أَخِيه الَّتِي لَيست أما وَلَا مَنْكُوحَة أَب فَهَذِهِ لَا تُوجد فِي النّسَب فَلَا يجوز أَن يُقَال يحرم من النّسَب مَالا يحرم نَظِيره من الرَّضَاع